في 11 فبراير اتخذت المملكة المتحدة قرار تعليق أعمال السفارة البريطانية في صنعاء موقتاً لدواعٍ أمنية، وسحبت موظفيها الدبلوماسيين. وأود هنا أن أشرح ما دعانا لذلك.
تريد المملكة المتحدة أن ترى اليمن بلداً ناجحاً، ولدينا أهدافنا الوطنية بشأن مكافحة الإرهاب فيما يتعلّق بالتصدّي لتنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية؛ لكن كان تواجدنا في اليمن أيضاً لتنفيذ برنامجنا التنموي الهائل «300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات» لمساعدة 15.9 مليون يمني لا تتوافر لهم المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
إن ما نريده هو أن نرى اليمن مستقرّاً، وقد حدّدت مبادرة مجلس التعاون الخليجي بعض المبادئ الأساسية لليمن، وأهمّها الإجماع السياسي، الفكرة من ذلك هي ألا تكون حياة اليمنيين مرّة أخرى رهن ما يمليه رجل واحد أو جماعة واحدة، بل أن يكون لكافة أطياف الجماعات السياسية ومنظمات وحركات المجتمع المدني رأي في كيفية حكمهم، وهذه الأصوات قالت بالإجماع تقريباً: “اعملوا مع بعضكم واصلحوا الوضع الاقتصادي”.
لقد وفّرت مبادرة مجلس التعاون الخليجي آليات الانخراط بحوار سياسي جامع يشمل كافة الجماعات التي لم توقّع على المبادرة، بمن فيهم الحوثيون والحراك، وقد كانت المملكة المتحدة على اتصال دوري مع كافة الجماعات، بمن فيهم الحوثيون خلال الحوار الوطني، حيث إن لديهم ـ كما لدى كافة الجماعات ـ مظالم لم تُعالج بالسرعة الكافية.
لكن منذ شهر سبتمبر؛ فرضت جماعة واحدة – الحوثيون – إرادتها على الساحة السياسية في صنعاء، وكان ذلك مخالفاً للنظام السياسي الجديد الذي طالب به اليمنيون في ساحة التغيير عام 2011م، كما أثارت أفعالهم مخاوف كبيرة بشأن مستقبل اليمن، بما في ذلك وحدة البلاد، والمملكة المتحدة تواصل دعم وحدة وسلامة أراضي اليمن، مع وجود مناطق حكم ذاتي وفق ما ورد في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
يقلقنا أيضاً استمرار حجز الرئيس هادي ورئيس الوزراء السابق بحّاح وعدد من الوزراء قيد الإقامة الجبرية، ومازلنا في انتظار الإيفاء بضمانات الإفراج عنهم، كما يقلقنا مستقبل الاشتباكات العسكرية بين جماعات مختلفة في اليمن، بما في ذلك الاشتباكات في مأرب.
ويقلقنا كذلك الوضع الاقتصادي الذي هو في الرمق الأخير، فالاستيلاء على الحكم بهذه الطريقة يعني أن الكثير من أعضاء المجتمع الدولي سيجدون من الصعب جدّاً من الناحية القانونية تقديم دعم اقتصادي لليمن، وقد بحثنا هذه المخاوف مع ممثلين عن حركة «أنصار الله»..لكن لحسن الحظ هناك حل، وهو حل آمل أن يؤدّي إلى إعادة فتح سفارتنا سريعاً، ذلك هو التوصل إلى اتفاق مبني على حوار سياسي حقيقي بين كافة الجماعات «أجل، يجب أن يشمل ذلك من يمثّل النساء والمجتمع المدني وفق ما تنصّ عليه مخرجات الحوار الوطني وخارطة الطريق محدّدة في مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية؛ ذلك ليس حلماً: بل يجب أن يصبح واقعاً ملموساً.
وإعادة فتح سفارتنا يتطلّب كذلك وجود حكومة شرعية تؤدّي عملها وتكون قادرة على توفير الحماية لبعثاتنا الدبلوماسية كي نتمكّن من العمل مع الحكومة ومختلف مناطق اليمن للعودة لتحقيق ما يريده اليمنيون: السلام والاستقرار وسيادة القانون وتوفر المواد الغذائية والرعاية الصحية، وهذه جميعها حقوق أساسية من حقوق الإنسان، ونحن نريد العودة إلى اليمن ومساعدة اليمنيين في تحقيقها.
الكرة الآن في ملعب الحوثيين.
سفيرة بريطانيا في اليمن