في زحمة اخبار الخراب والقبح؛ فجأة تذكرت فناننا التشكيلي الرائد ، عمنا هاشم علي .. صدقوني لازلت أشعر باليتم لغياب هاشم علي، لازلت أشعر بمرسمه الوحيد يئن ويعوي تماماً ، لازلت أشعر بجفاف في حلق الامطار الثكلى في تعز ، لازلت أشعر بصرخة محبيه تتشظى في كل الجهات، لازلت أشعر بحداد الألوان على روح هذا الشفاف الهائل، لازلت أشعر بجبل صبر يرتجف من الوحشة لفراقه المباغت.
لقد كان هاشم علي ذخراً إنسانياً ومعرفياً وظاهرة قيمية فنية وعصامية من الصعب تكرارها، كان مكتبة جماليات مكتظة وميزته الدائمة التي عُرف بها خصوصاً أنه كان الآسر لمناقشيه برفعة المستوى التثقيفي الباهر للذات، إذ كان الأعرف من بين جميع المتخصصين بسيرة الابداع الفني في اليمن على مر العصور، وهو الافهم بمختلف تطورات الفنون العالمية وحساسياتها المختلفة من حضارة الى اخرى-هكذا عرفناه . الفنان التشكيلي الأكثر أثراً في فن التشكيل باليمن، الفنان الكبير الذي مات وهو ينتظر منحة علاجية طارئة من دولة حمران العيون البيروقراطية البليدة.. . هاشم علي الذي كان كثيراً على هذه البلاد للأسف، عاش حياته كوردة في الصخر مزروعة، عاش حياته كملاك معذب ، وكان الأسمى من بين كل المهمومين بتحديث الثقافة الفنية وتنمية إحساس الجمال يمنياً .
لكن ماذا يعني ان اليمن فقدت أحد علامات حركة نهضتها الحديثة بكل هذه اللامبالاة ؟
يعني ذلك ان هذا البلد يبتهج بكونه ملعون بمتخصصي الخراب و القبح . كان يجب على الاقل ان يوجد كيان مؤسسي يضم اللوحات الخالدة التي انتجها طيلة مسيرته الابداعية المرموقة . اللوحات التي تختزل اليمني المكابد الحالم واليمن العظيمة والمبهرة .
fathi_nasr@hotmail.com