كان متوقعاً أن ينهار التفاهم الذي رعته وأبرمته الإمارات العربية المتحدة مع السُــلطة المعترف بها دوليا باليمن المسماة بـــ “الشرعية” قُــبيل قرار اقتحامها ” الإمارات” لمدينة الحديدةقبل قرابة ثلاثة أسابيع, هذا الانهيار الذي تبدو ملامحه واضحة وخطيرة وتنذر بمرحلة احتقان سياسي وعسكري شديدين قياساً بما كان قبل ذلك,وبالذات على الجبهة الإعلامية المحتدمة, والمرشحة لمزيد من التأزم والتجييش,لكونه كان مجرد تفاهم آني محكوم بظروف معينة وتلفه حالة التوجس من الكل ضد الكل,وغياب شبه عامل الثقة بينهما بعد جولات من السجال الساخن الذي كاد يوصل بكثير من المواقف الى الصدام المسلح, أشدّها سخونة وخطورة تمثل بحالتين على الأقل: أزمة جزيرة سوقطرة قبل أن تنزع الرياض فتيلها ويغادر على إثرها رئيس الحكومة الى الرياض الذي ظل موقوفا بالجزيرة لعدة أيام مع بعض وزراءه.
وقبل ذلك شاهدنا تلك الأزمة الحادة التي شهدتها عدن مطلع العام الجاري وهي الأزمة التي بالفعل افضت الى صدام مسلح خطير وإن كان عبر وكلاء طرفي الصراع الإمارات وحزب الإصلاح إخوان اليمن والمتمثل: بألوية الحراسة الرئاسية المحسوبة شكلاً على الرئيس هادي والموالية أصلاً لحزب الإصلاح” إخوان اليمن, وبين القوات المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً وبالذات قوات الحزام الأمني الجنوبي, وهذ الصدام الذي خلف العشرات من القتلى والجرحى من الطرفين مثّــلَ فساد الحكومة الموالية للإخوان وفشلها محور ذلك الصدام المرير,ولا يرتق- أي التفاهم الأخير الذي رعته الإمارات- الى اتفاق استراتيجي بعيد المدى أو حتى متوسط المدى ,بحكم تصادم المشاريع السياسية بين جميع الأطراف الإقليمية والمحلية وبالذات الإماراتي والشرعية أو لنقل حزب الإصلاح إن أردنا الوضوح أكثر وتخوف هذا الأخير مما يعتبره أطماع إمارتية شرهة باليمن باعتبارها وفق تصنيف قطاع كبير في صفوفه دولة إحتلال,وبقاءه- أي التفاهم- مرهونا بالظروف التي افرزته,وزواله بزوالها….وأهم هذه الظروف حاجة الإمارات حينها الى حشد سياسي وعسكري بمعركتها المصيرية بالحديدة,وحاجتها بالذات لتأييد سياسي من السلطة “الشرعية” لتنتزع به شرعية عمليتها العسكرية المثيرة للجدل بالحديدة بعد التحفظات الدولية عليها لدواع إنسانية وضغوط المنظمات الدولية ذات الصلة.
وبمجرد أن فقدتْ هذه العملية العسكرية وهجها وزخمها وأوشكت معها الإمارات أن تصرف نظر عنها ولو مؤقتا لأسباب معظمها مجهولة وهذا يتبدّأ بوضوح من خلال قرار إيقافها العملية العسكرية بشكل مفاجئ, حينها بدأ الخلاف يطل برأسه من جديد بين الطرفين: الإمارات والانتقالي الجنوبي من جهة وبين الشرعية وحزب الإصلاح بالذات من جهة أخرى, في ظل بقاء السعودية تراوح منطقة الوسط بين الجميع…. كما أن الأخبار التي تتحدث منذ يومين عن وصول جموع عسكرية تتبع الفريق محسن الأحمر” نائب الرئيس″ الى عدن زادتْ من حِدة الخلافات واعادتها الى المربع الأول إن لم نقل الى ما قبل ذلك في تخوفات جنوبية من سيطرة ناعمة شمالية على الجنوب وعلى عدن تحديدا قد يقوم بها حزب الإصلاح ونائب الرئيس الموالي له الفريق علي محسن الأحمر..فضلاً عن قرار إيقاف العملية العسكرية الذي اتخذته الإمارات بمعزلٍ عن الشرعية ودن حتى أن تضع بالصورة ولو شكلياً ,بطريقة شعرت معها الأخيرة “الشرعية”بمرارة الإهانة الإمارتية, وقسوة التهميش,ولا نقول بسبب الشعور بالغيرة على السيادة الوطنية أو بسبب التفرد الإماراتي بالقرار اليمني وتغييب القرار الوطني اليمني .
*صحافي من اليمن.