“إنّ الاستهداف الذي تمّ اليوم في محافظة صعدة عمل عسكري مشروع لاستهداف العناصر التي خطّطت ونفّذت استهداف المدنيين ليلة البارحة في مدينة جازان وقتلت وأصابت المدنيين”. العقيد الركن تركي المالكي.
ما يفوق الــ124 بين قتيل وجريح هي حصيلة الغارات الوحشية التي تبناها بكل صفافة وعنجهية هذا التحالف الذي، “وضع الحرب في غير مكان ا لحرب وحيث الحرب تقلّد سيفين من الخشب”، على محافظة صعدة اليمنية.
مئات المدنيين معظمهم من الأطفال قتلوا وأصيبوا في أحدث جريمة يقترفها هذا التحالف الأرعن. لجنة دولية تابعة للصليب الأحمر أكّدت أنّ 59 طفلا دون سن الخامسة عشرة سقطوا بين قتيل وجريح في هذا الهجوم البشع الغادر!!! ثم يُقرّ الناطق باسم التحالف بمسؤوليته عن الغارات لا ويشدّد “أنه عمل عسكري مشروع” جاء ردّا “على أحدث هجوم بالستي تبنّاه الحوثيون مدينة جازان جنوبي غرب المملكة”.
قصف الأطفال وذبحهم وهم يستقلّون حافلة ّأضحى “عملا عسكريا مشروعا”! ما دام جناب العقيد الركن تركي المالكي يقول، دون أن يرفّ له جفن، : “إنّ الاستهداف الذي تمّ اليوم في محافظة صعدة عمل عسكري مشروع لاستهداف العناصر التي خطّطت ونفّذت استهداف المدنيين ليلة البارحة في مدينة جازان وقتلت وأصابت المدنيين”! فالمطلوب من اليمنيين استقبال الصواريخ والقنابل السعودية بالورود والتهليل وممنوع تماما أن يردّوا أو يقاوموا العدوان!
ثم ما الذي يُضيركم والحال أنّ، والعهدة ليست على صور أشلاء الضحايا بل على أقوال العقيد الركن الذي أصرّ أنّ “تنفيذ العملية يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وسيتخذ التحالف كافة الإجراءات ضد الأعمال الإجرامية والإرهابية من المليشيا الحوثية الإرهابية التابعة لإيران كتجنيد الأطفال والزجّ بهم في ميدان القتال واتخاذهم كأدوات وغطاء لأعمالهم الإرهابية”. رُفع القلم! فقد أفتى العميد الركن!
ماذا يعني بعد ارتكاب كلّ هذه الجرائم البشعة أن يُعقد في الرياض، وبمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، “مؤتمر رفيع المستوى تحت رعاية الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني، ورئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، الإثنين المقبل، ل”مناقشة مرجعيات الحلّ السياسي للأزمة اليمنية.”؟
أيّ ضحك على الذقون حين يدّعي الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات الدكتور عبد العزيز حمد العويشق، أنّ “المؤتمر سيناقش خلال جلساته عدة محاور أهمّها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية واستحقاقات الانتقال السلمي للسلطة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216″؟
ما الذي تفيد الآن ثرثرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، الذي يقول “إنّ التوصّل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين، هو السّبيل الوحيد لإنهاء النزاع القائم” ؟
كيت غيلمور، نائبة المفوّض السامي لحقوق الإنسان، في كلمة لها أمام مجلس حقوق الإنسان لاستعراض تقارير حول اليمن حمّلت التحالف “المسؤولية عن 61% من حالات قتل المدنيين في اليمن، مشدّدة على أنّ القصف العشوائي ونيران القنّاصة من قبل الحوثيين في المناطق المأهولة يتسبّب في معظم الحالات المتبقّية بسقوط الضحايا المدنيين”.
كما يقدّر مجلس العلاقات الخارجية الذي يعمل على أساس الأمم المتحدة “عدد الضحايا المدنيين جرّاء الحرب في اليمن منذ مارس 2015 وحتى اليوم بـ16.200 قتيل!”
أما بخصوص المخالفات بحقّ الأطفال، فسجّلت الأمم المتحدة، حسب تقرير “الأطفال والنزاعات المسلّحة” الصادر عن الأمين العام للمنظمة في ماي الماضي، مقتل 552 طفلا وجرح 764 آخرين في اليمن خلال العام الماضي، مؤكّدة أنّ 51% سببته غارات التحالف !
وحده خيرت كابالاري المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف قد أصدر اليوم بيانا موجزا تحت عنوان “لا أعذار بعد اليوم!”! مستصرخا: “هل يحتاج العالم حقاً إلى المزيد من الأطفال الأبرياء القتلى لوقف الحرب على الأطفال في اليمن؟”.
هلاّ أوقفت هذه المذبحة أم أنّ العقود التجارية والسلاح تحديدا هي التي تحدّد المواقف لا المبادئ؟
أطفال اليمن وأطفال باقي الأواني المستطرقة يستصرخونكم فهلاّ أوقفتم حرب الملهاة هذه!
باحث في الفكر الاستراتيجي، جامعة باريس.