|
|
|
|
|
حَملَةٌ إسرائيليّةٌ على مهاتير محمد والنَّائِبَين العَربيَّتَين المُسلِمَتَين إلهان عمر ورشيدة طليب
بقلم/ أستاذ/عبد الباري عطوان
نشر منذ: 5 سنوات و 11 شهراً الأحد 20 يناير-كانون الثاني 2019 08:47 ص
الصُّوماليّة العَربيّة المُسلِمَة إلهان عمر التي دخلت التَّاريخ الأمريكيّ كأوّل نائِب مُحَجَّبة في مجلس النُوّاب تتَعرَّض حاليًّا لحَملةٍ صُهيونيّةٍ شَرِسَة تتَّهِمها بمُعاداة الساميّة لأنّها انتَقَدت في تغريداتٍ سابقةٍ الجَرائم الإسرائيليّة في قِطاع غزّة التي اعتَبرها المُحَقِّق الدوليّ أريك غولدستين جَرائِم حَرب.
السيّدة إلهان لم تُرهِبْها الحَمْلة الإسرائيليّة المُنظَّمة التي بَدأت تُنَقِّب في ماضِيها السياسيّ مِن أجل إسكات صَوتِها، وظهرت على شاشَة قناة “سي إن إن” تُؤكِّد تَمَسُّكَها بكُل كلمة قالَتها وخاصَّةً التَّغريدة الشُّجاعَة التي ذكَرَت فيها “إسرائيل قامَت بتنويم العالم مِغْناطِيسِيًّا، فليُوقِظ الله النّاس، وليُساعِدهم على رؤية مُمارَسات إسرائيل الشِّريرة”، هل يَستطيع زعيم عَربيّ “التَّغريد” بهذه الكَلِمات الصَّادِمَة النَّابِعَة مِن القَلب في هذه الأيّام؟
أمْس شنَّت الحُكومة الإسرائيليّة حملةً أُخرَى مُستَخدمةً تُهمَة “مُعاداة الساميّة” نفسها ضِد الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، لأنّه رفض إعطاء تأشيرات دُخول لرياضيّين إسرائيليّين للمُشارَكةِ في مُسابقةٍ دوليّةٍ للسِّباحة، وقال إيمانويل نحشون، المُتَحدِّث باسم الخارجيّة الإسرائيليّة، إنّ حُكومته “تُدين هذا القَرار الذي استُلهِم بِلا شَك مِن مُعاداة الساميّة المَسعورة لرئيس الوزراء مهاتير” ولا نَعتقِد أنّ هذه الحَملة ستُرهِب الدكتور مهاتير الذي قال إنّه لَنْ يَسمَح للإسرائيليّين بدُخولِ بلاده، وإذا كانَ قراره هذا لا يُعجِب اللَّجنة المُنَظِّمة للمُسابقةِ المَذكورة فلتُقِمها في مَكانٍ آخَر غَيرُ مَأسوفٍ عَليها.
***
ولا يُمكِن أن ننسى ونَحن نتناول هذا المَوضوع ما تعرّض، وما زال يتَعرّض له، جيرمي كوربن، زعيم حِزب العُمّال البريطاني، مِن حملات مُهينِة ومُذِلَّة، تَرتَكِز على اتِّهامه بمُعاداة الساميّة لأنّه يَدعَمُ حُقوق الشَّعب الفِلسطينيّ وقادَ مُظاهرات ضِد غزو العِراق واحتِلالِه، والعُدوان على قِطاع غزّة، ولم يَتْرُكوا حَجَرًا في تاريخه لم يلقبوه بحثًا عَن صورة أو عبارة تُؤكِّد وقوفه ضِد الظُّلم الإسرائيليّ.
ولا نَكشِف سِرًّا عندما نقول أنّ كُل ما يَجرِي في بريطانيا حاليًّا مِن أزماتٍ تعود مُعظَم أسبابها إلى وجود لوبي قويّ يتزعّمه بعض أنصار إسرائيل لمَنع كوربن مِن تشكيل الحُكومة البريطانيّة القادِمَة بعد فَشَل تيريزا ماي في تمرير اتّفاقها حول مرحلة ما بَعد خُروج بريطانيا (بريكست) مِن الاتحاد الأوروبي في مجلس العُموم، حيث تحالف توني بلير المَعروف بعَلاقاتِه القويّة مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نِتنياهو، وجناحه في حزب العمال مع خُصوم حزبه لمنع إجراء استِفتاءٍ جديد، أو سحب الثِّقة مِن حُكومة المُحافظين، والذَّهاب إلى انتِخاباتٍ برلمانيّةٍ مُبْكِرَةٍ، لأنّ البَديل حُكومة عُمّاليّة ائتلافيّة بزَعامَة كوربن.
النائب إلهان عمر لم تتراجَع عن مَوقِفِها الدَّاعِم للحَق الفِلسطينيّ المَشروع الذي كفَلته الشَّرائع الدوليّة، والحال نفسه يُقال عن السيّدة رشيدة طليب، التي أقسَمَت اليَمين كعُضوة في مجلس النوّاب وهي ترتدي الثَّوب التَّقليديّ الفِلسطينيّ، ومُتباهيَةً بدَعمِها لحَركة المُقاطِعة للدولة العبريّة، فهذا الابتِزاز باتَ يَجِد مَن يتَصَدَّى لَهُ، ويتحَدَّى أصحابه بقُوّة وصلابة، رغم عُنف الحَملات الإسرائيليّة في الغَرب، وبعض البُلدان العَربيّة المُطَبِّعة، ولنْ نُفاجَأ إذا ما أقدَمَت بعض هذه الدول إلى تَجريمِ مَن يَنْتَقِد الاحتِلال والعُدوان الإسرائيليّ.
***
المُؤسِف أنّ هذه المَواقِف المُشَرِّفة للنائِبَين في مجلس النوّاب الأمريكيّ الذي يُعتَبر عرين اللُّوبي الصهيونيّ، وكذلك للرجل الرجل الدكتور مهاتير محمد، تأتِي في وقت “تَقصِفنا” فيه أنباء التَّطبيع العَربيّ الرَّسميّ مع دولة الاحتِلال الإسرائيليِ، مِن كُل الاتِّجاهات فَلا يَمُر يَوم دُونَ زِيارَة فريق رياضيّ إسرائيليّ لعاصِمَةٍ عَربيّةٍ، أو مُرور طائِرات إسرائيليّة في أجواءِ عَواصِمٍ أُخرَى، أو هُبوط نَظيراتِها العَربيّة في مَطاراتٍ إسرائيليّةٍ، وكأنّ مُبادَرة السَّلام العَربيّة جَرى تَطبيقُها على الأرض، وباتَت المُقدَّسات العَربيّة والإسلاميّة في مَدينة القُدس تحت السِّيادَة العَربيّة.
نَعتَز في هذا المِنْبَر ونَفتَخِر بالنَّائِبَين إلهان عمر وزَمِيلَتها رشيدة طليب، مِثْلَما نُثَمِّن مَوقِف الزَّعيم الشَّريف مهاتير محمد، وكُل الذين قالوا ويَقولون “لا” كبيرة في وَجْهِ الاحتِلال والعَربدة الإسرائيليّة، وينْحازون جَميعًا للحَق دُونَ أن يُرهِبهم سِلاح “مُعاداة الساميّة” الذي تُشْهِره دولة الاحتِلال في وُجوهِهم والآلاف غيرهم، بِما في ذلك كاتِب هذه السُّطور، والصَّديق العَزيز جيرمي كوربن، الذي أكَّد أنّ أوّل قرار سيَتَّخِذه فَوْر تَشكيل الحُكومة هو الاعتِراف بدَولَةِ فِلسطين.
|
|
|
|
|
|
|
|