قبل الحديث عن هيكلة الجيش ينبغي إعادة النظر في تفعيل دور الجيش وتمكينه من استعادة قوته، بأساليب تجعل افراده يستعيدون الثقة بأنفسهم وبقدراتهم العسكرية.
فالجيش حالياً يعيش بروح المهزوم نفسياً لما آلت إليه أوضاعه الإدارية، والفنية، كون الجيش اليمني لم يهزم بمعركة عسكرية بقدر ما هزمته قيادته في معركة إدارية.
كما أن الخطاب السياسي والإعلامي للنخب الرسمية خلال العام الماضي هو الآخر تسبب في تنمية المشاعر بالهزيمة والخذلان لدى أفراد الجيش بمختلف الوحدات العسكرية.
وبناءً عليه فإن إعادة هيكلة الجيش وهو بهذه الوضعية لن تؤدي سوى إلى واد ما تبقى منه أو ستؤدي إلى تصفيته قسراً.
إذ نجد أن الأولى بنا فعله حالياً هو تحرير الجيش اليمني من الشعور بالخذلان المجتمعي والهزيمة الرسمية، وذلكم هو مدخلنا الحقيقي لهيكلة الجيش وتفعيل دوره في آنٍ واحد.
ولن يتحقق لنا هذا الانجاز إلا من خلال استدعاء قيادات عسكرية محنكة تمتلك تجارب حقيقية في القيادة العسكرية وتتمتع بعنصري القوة والكفاءة.
إن نجاح عملية هيكلة الجيش اليمني وإخراجه من محنته، مرهون بوجود قادة عسكريين مشهود لهم بالوفاء لجنودهم والحرص على معدات الجيش وآلياته العسكرية.
سبق لي أن نشرت مقالاً قبل أشهر بعنوان "ما أحوجنا لجيش الجنوب واقترحت فيه أن تسند مهمة قيادات الوحدات العسكرية في أغلب نسبتها لضباط جنوبيين.
ولم يكن مقترحي مبني على اعتبارات جهوية ولم يأتي في سياق المراضاة، بهدف لحفاظ على الوحدة اليمنية، إنما هو مقترح مبني على أساس المقارنة بين طبيعة النظام العسكري في الجنوب والشمال قبل إعلان وحدة 22 مايو 1990م.
عسكريو الجنوب اثبتوا أهليتهم للقيادة وجدارتهم بالريادة وفي مقدمتهم على سبيل المثال العميد الركن/ فيصل رجب واللواء محمد الصوملي وقائد المنطقة الجنوبية العميد/ محمد سالم قطن، ناهيك عن بقية ضباط الجنوب المقصيين في منافيهم الإجبارية داخل الوطن وخارجه ومنهم مهمشون في وحداتهم ومقر أعمالهم.
أن آلية البناء العسكري الحقيقي تبدأ باستدعاء القادة المجبرين من منافيهم ويتم تكليفهم بقيادة عالية للوحدات العسكرية في البلد خلفاً للقادة المنشغلين بتجارة الفول والدقيق الزيت المخصص للوحدات وبعضهم انشغل بمهنة السطو والتحايل والسمسرة في بيع الأراضي.
فالخلل الحقيقي المعيق لفاعلية الجيش يكمن في إدارة النظام العسكري للجيش ولا يدخل ضمن تركيبته العسكرية.
الجيش اليمني معاق بقادته الذين اسهموا بشكل مباشر في تدميره على مدى عقدين من الزمن، ومنهم من أسهم في تقديم المئات من أفراد وضباط قرابيناً لمحترفي جرائم القتل المباغت في كل من صعدة وأبين، إرضاء لشخص الحاكم وتنفيذاً لإستراتجية بقائه في الحكم.
أما الجيش اليمني بمعزل عن قادته فقد أثبت أنه جيش وطني حر رغم المعاناة التي يتجرعها أفراد ومنتسبو القوات المسلحة وتصف بأنها أسوأ أوضاعاً بين الجيوش العربية.
بقي لنا أن نشير إلى أن مطالبة رئيس الجمهورية بهيكلة الجيش حالياً وفق خطة تشبه أقاصيص الجان هو نوع من التعجيز لفخامة رئيس الدولة المنتخب، بل إن مطالب أسرة صالح تسعى لإعاقة هيكلة الجيش من خلال مطالبتها بإقالة قادة الجيش المؤيد للثورة، كما أن الإصرار على إعادة هيكلة الجيش بقياداته السابقة هو نوع من ابتزاز التقاسم السياسي على المستوى العسكري، وبدون استدعاء قادة مجربين في الكفاءة والولاء الوطن لا يمكن أن تحقق أي نجاح مرجو في مجال السلك العسكري.
Alsfwany29@yahoo.com