|
|
|
|
|
برجينسكي: أمريكا الإمبراطورية الأخيرة والأقصر عمراً في التاريخ
بقلم/ كاتب صحفي/احمد الصوفي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 25 يوماً السبت 26 يناير-كانون الثاني 2013 09:16 م
يوجز برجينسكي استخلاصه من دراسة عقدين من الأداء الأمريكي العالمي أن سوء استخدامها للسلطة قد جعل العالم متوتراً ومكاناً للفوضى والسياسات الاستعراضية الخاطئة، ويعتقد أن أثر هذه السياسات على أمريكا صادق ومحبط، فقد ساهمت في إطفاء بريق الحلم الأمريكي وتسببت في خسارة أمريكا لدورها القيادي وهي تتقهقر وتجر معها الغرب كله نحو مصير غامض لا يمكن توقع أن تبرز قوة دولية منفردة لتملأ الفراغ الذي ستخلفه عملية انهيار أمريكا وتراجع نفوذها في العالم، كأن العالم ينتظر من فيض القيم والمنجزات العلمية والعقول النيرة في أمريكا أن تجد في العقدين المنصرمين فرصة لاستعراض حكمتها وصواب رؤيتها لنفسها وللعالم، لكن العالم وللأسف لم ير غير تظاهرات لقوة أمريكا، وهو الجزء الأحمق الذي أطل على العالم من حضارة غنية كان بوسعها أن تحافظ على مركزها الدولي لعقود طويلة قادمة.
يرى برجينسكي أن العوامل التي أصابت الانتصار الأمريكي بالذبول السريع تكمن في الآتي:
1- على الرغم من احتفاظ أمريكا بنقاط قوة مقيمة في منظومتها الاقتصادية والجغرافية والسياسية إلاّ أن برجينسكي يحدد المعضلات الكبرى التي تثقل خطوات أمريكا وتجعلها مقيمة في دائرة الأزمة هي الدين العام: دين مالي مختل، تباين اجتماعي متعاظم، بنية تحتية متهالكة، جمهور جاهل، سياسة مأزومة، وتتكشف نقاط الضعف في كتاب روجر لوفنستاين حول نهاية وول ستريت، ويعتبر عواقب الأزمة المالية ذاتية المنشأ قد جعلت حصة كل أمريكي من الدين العام 24 ألف دولار، كما تقلصت ثروة أمريكا من 64 تريليوناً إلى 51 تريليوناً وارتفعت البطالة إلى 10%. إن تأثير العوامل الكابحة والدافعة على التهالك يجعل أمريكا تدفع بقوة نحو أزمات أكثر تركيباً وتدهوراً درامياً في المجالين الإبداعي والاجتماعي.
2- تدهور درامي لمكانة أمريكا في العالم، فقد أهدرت مصداقيتها سواءً على الصعيد الوطني أو القضايا الدولية في حرب العراق وأفغانستان، ويؤكد ذلك استطلاعات للرأي العام أجريت في العديد من دول العالم في العام 2010م، وجميعها تنظر إلى أمريكا نظرة سلبية، إن الإجماع العالمي بدءاً من تركياً واندونيسيا والأردن وألمانيا وأسبانيا قد حددوا المركز الأخلاقي المتهالك الذي يجعل من أمريكا عنصر توتير للعلاقات الدولية ويؤكد عزلة أمريكا الاستراتيجية المستمرة رغم التطفل المستمر للقضايا الدولية.
3- صعود مبهر لمركز الشرق المتمثل في نهوض الصين والهند، وكذا روسيا، في الوقت الذي تغرق الولايات المتحدة الأمريكية بركود مميت، صحيح أن برجينسكي لا يرشح واحدة من هذه الدول لترث دور الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه يبشر بفوضى ناتجة عن الهشاشة الدولية التي يصفها بالإصابة بهلع ما بعد سقوط أمريكا.
إن انكسار الحلم الأمريكي مع حلول عام 2025م قد لا يحمل نبأ تتويج قوة عالمية منفردة ولكنه بالتأكيد سيرى توازياً لسياسات ومغامرات أمريكية متهورة ومغرقة، ويشير برجينسكي إلى إنتاج مزيد من الأوضاع الغامضة والمتناقضة حال انكشاف تدهور الحالة الأمريكية التي ستشجع نشوء مباريات تنافسية وصعود للنزعة القومية، وجميعها قد تسلم العالم إلى حالة من الفوضى تصبح خلالها دول كثيرة عرضة لخطر جيوسياسي، ويحدد الأجناس الأكثر تعرضاً للخطر سواءً من جيرانها الأقوى أو بسبب استيقاظ التطلعات القومية التي ستعمد إلى نشوء قوى إقليمية تثأر لنفسها من الدور الأمريكي الذي كبحها خلال العقد الأول من القرن العشرين، فهناك مستوى من الهشاشة الجيوسياسية من جيرسيا وكوريا الجنوبية وبلاروسيا وثيوان وأوكرانيا وباكستان وإسرائيل والشرق الأوسط، فالسياق الجيو استراتيجي سيتبدل بشكل عميق بانهيار أمريكا السياسي والاقتصادي.
*صحيفة اليمن اليوم |
|
|
|
|
|
|
|