من يتابع المتباكين على الحوار والرافضين له يدرك وبما لا يدع مجالاً للشك أن من يرفضون الايفاء بوعودهم واتفاقاتهم وعهودهم الحوارية لا يمكنهم أن يصدقوا ولا يمكن للرأي العام أن يصدقهم بما يتشدقون به من مزايدات ومكايدات ومطالب حوارية..
لأنهم يتخذون من مطلب الحوار كلمة حق يراد بها باطل فهم من اشتهروا بمواقفهم الشمولية الرافضة للشراكة الحوارية بين جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية المعتمدة والمصرح لها من لجنة شئون الأحزاب والتنظيمات السياسية من منطلق رغبتهم الانتقائية الرافضة للآخر وفي الوقت الذي يطالبون فيه بالحوار مع جميع المتمردين على الشرعية الدستورية من اللصوص وقطّاع الطرق والقتلة الذين يجاهرون برفضهم للثورة والوحدة ومع المعارضة غير الوطنية من محترفي العمالة والخيانة الوطنية من سكنة القصور ومتسكعي فنادق الخمس نجوم،نجدهم يرفضون بشدة الجلوس على مائدة حوار مشتركة مع الحزب الحاكم وبقية احزاب المعارضة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية المستقلة الفاعلة و الموجودة في الساحة الوطنية وفقاً لما تم الاتفاق عليه من موضوعات متصلة بالإصلاحات السياسية والاصلاحات الانتخابية وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات.
إنهم في حالة احباط يبحثون عن مبررات لتبرير هروبهم السافر من الجلوس على مائدة الحوار الجاد عن طريق مخرجات ووسائل وأساليب شمولية تستبدل المؤسسات والمرجعيات الدستورية والقانونية بلجان تحضيرية ومؤتمرات وعقليات شمولية تعيد التجربة الديمقراطية اليمنية الناشئة إلى مربعات الشمولية السابقة للوحدة وللديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان وكأنهم بما يقومون به من فعاليات دعائية داخل الوطن وخارجه في فنادق وأروقة الخمس نجوم الفارهة يحاولون إلغاء الثوابت الوطنية بل وتجاوز ذلك إلى إلغاء المؤسسات والمرجعيات الدستورية والقانونية التي ولدت في احضان تلك الثوابت الوطنية المتمثلة بالثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية استناداً إلى ما أنتجه خيالهم السوفسطائي من مشاريع ورؤى هدامة مثيرة للشك والريبة تفترض إلغاء الهيئة الشعبية الناخبة واخضاعها للإرادة الحزبية الجزئية نزولاً عند الرغبات الذاتية غير الديمقراطية للأفراد الباحثين عن اشباع ما لديهم من الطموحات والأطماع السياسية حتى ولو كانت تتصادم وتتنافى مع إرادة الشعب وحقه المشروع في منح الثقة وحجب الثقة لهذا الفرد أو الحزب أو ذاك الفرد أوالتنظيم عبر انتخابات ديمقراطية وتنافسية حرة ونزيهة.
إن هذا النوع من الحلول الشمولية الرجعية لم يعد يتفق بأي حال من الأحوال مع ما وصلت إليه التجربة الديمقراطية اليمنية الناشئة من القفزات النوعية ومع ما حققته من المنجزات السياسية الرائعة وغير القابلة للعودة إلى ماقبل الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية بأي حال من الأحوال ولأي سبب من الأسباب التقليدية والشمولية الجامدة والعاجزة عن استيعاب ما يعتمل في العالم وما يعتمل في الواقع اليمني من تبدلات وتغييرات هائلة ومعنى ذلك أن المعارضة اليمنية لاتستطيع أن تتجاهل الإرادة الشعبية ولا تستطيع أن تطالب الأغلبية الساحقة بالاستجابة الدغماتية الجائرة لمثل هذه المطالب الشمولية الجاهلة في سياق الالتفاف المحموم على الشرعية الدستورية والقانونية العقيمة المتماهية في المستنقعات الآسنة للرجعية..
لأن الشعب اليمني لا يمكنه التعاطي مع هذا النوع من المغالطات الدعائية الواهمة الذي كان له شرف الارتقاء بما شهدته الجمهورية اليمنية من التبدلات الحضارية والديمقراطية المستنيرة والضاربة جذورها في أعماق الماضي وامتداداته الحاضرة المتصلة بما لديه من التطلعات والطموحات التقدمية المستقبلية الواعدة.
حقاً أيها الإخوة الأحرار والثوار الوحدويون الديمقراطيون الابطال يا من تحملتم على كاهلكم مسئولية الإقدام على مجابهة التحديات والأخطار وتمكنتم في جميع الظروف الصعبة والتحديات الخطيرة من قهرها والخروج من معتركاتها منتصرين وسالمين.
إن تحديات اليوم مهما بدت مؤلمة ومؤسفة ومهما استوجبته من تقديم التضحيات الغالية والمكلفة إلا أنها لا ولن تكون أكثر خطورة وأكثر كلفة من التضحيات السابقة لها التي أطاحت بكل ما لدى جبابرة الأمس من أطماع دفعتهم إلى حركة استضعاف همجية تحطمت تحت الضربات القتالية لصمودهم وتضحياتهم الأسطورية والتي مابرحت اليوم واقفة بالشموخ كله.. والاستعداد الذي لا مثيل له لتلقين هؤلاء الأعداء والمتطاولين على الثوابت الوطنية من الفوضويين الارهابيين الرجعيين، إماميين كانوا أم انفصاليين، شماليين أم جنوبيين درساً يعيدهم إلى جادة الصواب ويجبرهم على مراجعة ما أقدموا عليه من مغامرات فوضوية عنيفة لأن الحوار مع هؤلاء المعتوهين من الأساليب غير المجدية والفاشلة التي لن يترتب عليها سوى مضاعفة مالديهم من الغرور والجنون الكفيلة بإغراق البلاد في بحر من الدم والدمار والخراب.
إن الحوار مع القوى الديمقراطية التي تحترم الشرعية الدستورية وإن كان يمثل أحد أهم الصفات الديمقراطية للقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح صانع أمجاد اليمن الحديث والمعاصر...إلا انه اسلوب عقيم وغير ذي جدوى مع الفوضويين والارهابيين الذين لا تجدي معهم هذه الأساليب السلمية لإيقاف ما لديهم من قوة مجنونة غير مشروعة بقدر ما يستوجب الاستخدام المشروع للقوة العسكرية الرادعة والكفيلة بإعادتهم إلى الاحتكام للدستور والقوانين النافذة.
لذلك سوف تكتشف هذه العناصر المزايدة أنها أشبه بمن يحرث في بحر من الماء، إنهم يشبهون المشتغلين بزراعة الريح الذين لايحصدون سوى جنون العواصف الدامية والمدمرة.
إن الشعب لا ينتظر أن يأتيه الإنقاذ عبركم ولا يعول على ماتبذلونه من رحلات وسفريات غارقة في نعيم الترف والمتعة الباحثة عن النجاحات السهلة والانتصارات الناتجة عما تتوهمونه وتتصورونه من القوة المجانية الناعمة.
اقول ذلك وأقصد به: أن الانتصارات المجانبة على اعداء الشعب واعداء الثورة والوحدة مستحيلة ولاينتج عنها سوى العمى وما يترتب عليه من حصاد الهزائم المريرة والقاتلة للأمل.
ومعنى ذلك أن الشعب اليمني مازال قادراً على الدفاع عن ثورته ونظامه الجمهوري ومكاسبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالأساليب المشروعة دون حاجة إلى الغرق في متاهات ما لديكم من المعالجات والنظريات السوفسطائية الحالمة والغارقة في بحر ما لديكم من الأطماع اللامشروعة للسلطة والثروة باعتبارهما غنائم مسيلة للعاب السياسيين الاغبياء..
لأن الوصول إلى ماتعتقدون أنها غنائم سهلة و غير محروسة بموانع الحديد والنار.
مجرد أوهام تشبه ذلك النوع من السراب المحفوف بمخاطر الموت المحتوم..
نعم أيتها القوى الديمقراطية اليمنية إياكم والافراط في هذا النوع من السياسات الانتهازية...وما تدفعكم إليه من تطلعات مجنونة بالكثير من المخاطر والمغامرات المهلكة التي لاحاجة لكم بها وبتجشم متاعب السفر إليها من وراء ارادة جماهير الشعب الواعية لأن هذه الجماهير المجربة لديها من العلم ومن الخبرة العلمية الطويلة ولديها من الإرادة الصلبة ما يجعلها قادرة على تلقين اساتذة الاستهبال والاستغفال دروساً غير قابلة للنسيان كفيلة بإعادتهم إلى سلامة التفكير والاحتكام لقوة الشرعية الانتخابية مهما تباعدوا عنها، التفوا عليها ومهما حاولوا قهرها بما لديهم من الوسائل والأساليب الدعائية والسياسية المفبركة ناهيك عن الأساليب القمعية والعنيفة
أخلص من ذلك إلى القول: إن الانقاذ هو الاصلاح والاصلاح السياسي المشروع لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال حتمية احترام المؤسسات وواجب الاحتكام للشرعية الانتخابية المحكومة بما هو قائم من المرجعيات الدستورية والقانونية وليس بما تقدرون عليه من كتابات الأوراق النظرية والاتصالات بالعناصر المحترفة للخيانة والعمالة.