تابعت بشغف وتلهُّف شديدين تقرير لجنة الحقوق والحريات، وعيني تتابع السطور أبحث عن ما يخصّني كصحافية، وماذا تضمّن التقرير حول الإعلام وحريته؛ ولكني للأسف الشديد لم أجد نصوصاً تخص الإعلام، رغم أهمية الحريات الإعلامية خاصة بعد أن تعرّض الإعلاميون قبل وبعد الثورة الشبابية الشعبية للقتل والسجن والاختطاف والضرب والإيقاف عن العمل وغيرها.
وكان «زواج الصغيرات» وتحديد سن الزواج أهم من حرية الإعلام رغم أن الإعلام هو الوسيلة التي كشفت عن مخاطر زواج الصغيرات، ولولا الإعلام لما انعقد مؤتمر الحوار، والذي يغطّي فعالياته، رغم أن هناك أخباراً ومعلومات يمنع الإعلاميون من نقلها لسبب أو لآخر.
وأمس قبل انتهاء الجلسة استمعت إلى تقرير فريق الجيش والأمن والذي احتوى مخرجات جيدة، ولكن للأسف قبل نهاية اختتام الجلسة تقدّم العميد علي السلال بمقترح مفاده منع الإعلام من نشر كل وقائع مؤتمر الحوار الوطني الشامل وخصوصاً المشاكل والمهاترات التي تحدث داخله، ورأى أن تتم منتجة الأحداث والوقائع قبل نشرها في وسائل الإعلام، وما يؤسف له أكثر أن يؤكد مقترحه رئيس الجلسة الأستاذ سلطان العتواني، ولا ندري لماذا يتم تحميل الإعلام والإعلاميين تبعات التصرفات غير اللائقة من قبل بعض أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، وكنا ننتظر أن يقر المؤتمرون مزيداً من الحريات الإعلامية لا محاولة تقييد الإعلاميين، ألا يكفي أن الإعلام لم يوضع كقضية رئيسة من قضايا الحوار..؟!!.
وكذا الحريات الإبداعية بشكل عام كالمسرح والسينما والموسيقى والفنون الشعبية والأدب والحريات الأكاديمية.. وغيرها.
وسننتظر ما سيخرج به المؤتمرون بشأن الإعلام باعتبار أن الإعلام والصحافة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وأصبح للإعلام دور مهم وخاصة مع ثورة المعلومات والتقدم التقني في وسائل الإعلام الألكتروني.
فكم نحن بحاجة إلى إعلام حر ونزيه، إعلام يتمتّع بالحرية والمسؤولية ويحكم الإعلاميين ميثاق الشرف الإعلامي الذي يقرّه الإعلاميون ويلتزمون به طواعية.
فلماذا بالله عليكم نخاف من حرية الإعلام رغم أن مؤتمر الحوار نفسه لا يمكنه أن ينجح دون الإعلام، فلو أتاح للإعلاميين حرية كاملة في نشر كل ما يدور في أروقة ودهاليز الحوار بشفافية، لن نخضع للشائعات، ولن يتمكن أي شخص يريد أن يفرغ الحوار من مضمونه أن يعوق مسيرة الحوار.
ولعل عدم قدرة الإعلاميين من دخول دماج ونقل الحقيقة كما هي زاد الطين بلة، وجعل كل قناة تتحيّز إلى طرف دون آخر، وتنقل جزءاً من الصورة، وقد يكون مبالغاً فيه.
أقول لكم أيها الموفمبيكيين أولاً وأخيراً: لا حوار دون إعلام حر ومسؤول عما ينقله، ولن نيأس كإعلاميين بل سنظل ننتظر ما ستجود به قرائحكم أيها الموفمبيكيين بشأن حرية الإعلام، ولن نسمح لكم بتقييد الإعلام مرة أخرى.