> عبده الجندي (حفظه الله) صاحبي شربت معه ذات صباح قهوة سادة في مكتبه الأنيق باللجنة العليا للانتخابات.
> مؤخراً طلعت له صورة أنيقة على الدينار الجندي نسبه إلى إقليم الجند .. والشاب الذي رسم الدينار على الفيسبوك .. اعتبر الجندي من معالم الإقليم البارزة.
>هذا التصرف أغاضني .. ونكد يومي .. فالمذكور أعلاه – أطال الله عمره – مواطن اتحادي .. ولا يمكن أن يحتكره إقليم أو ولاية.
> الرجل الوديع .. والإعلامي المثقف .. والسياسي الحصيف يحرص على حضور المآتم والأفراح .. حتى أنهم يقبلونه في الصالات أكثر من العرسان.
> بالتأكيد فإن كارهيه أقل من معجبيه، ويكفيه أنه وحده جعل وظيفة الناطق الرسمي في اليمن مرحة خفيفة الظل، رغم مشقتها، وثقالتها .. وأنظروا .. كم من الناطقين الرسميين .. غابوا .. ولم ينطقوا .. وحده عبده الجندي .. صاحب الجميع .. والناطق الذي يدعو لخصومه بالعافية .
> ولماذا في اليمن وحدها، تبدو وظيفة الناطق الرسمي شاقة عسيرة، صعبة الهضم .. والفهم، وأشبه بأفلام الممثل –توم كروز- المهام المستحيلة.
> لأنه في بلادنا المحروسة، تشكل القناعات وتعقد الصفقات، وتصدر القرارات، وتحاك الدسائس والمؤامرات، في دهاليز مظلمة، لا يسمح للناطق الرسمي أو الهواء النقي بدخولها.
> ولذلك يتعذب – الناطق – يجف ريقه .. ويلتوي لسانه وتمضي سنوات دون أن يجد معلومة مؤكدة ينطق بها وفي الغالب يكلف بالنفي .. والكذب .. وهو المسكين المحتار لا يدري لماذا نفى .. ولماذا كذب فاختفى.
> والعيب ليس في الناطق، ولا في الوظيفة، لكنها بيئتنا السياسية – العفنة – ومجالس القات، والبرزات حيث تجري عظائم الأمور في الظلام .. لا شفافية ولا نور.
> الناطق الرسمي وظيفة رفيعة مبجلة في دول محترمة المعرفة متاحة .. وحق الحصول على المعلومة مكفول والناطق الرسمي جسر التواصل المتين بين المواطن .. والمسؤول.
> هنا قد يصرح الناطق الرسمي في الصباح أن الحكومة باقية تؤدي عملها على أكمل وجه.. وأنه لا تشكيل ولا تعديل ومثلنا يفاجأ في نشرة التاسعة مساء بتعديل حنان طنان يجلب له الحسرة والجنان.
> ولهذا فإن بضاعة الناطق الرسمي بائرة ومهمته عصيبة وسعيه متعثر على نقيض زميله المصدر الرسمي الذي يصول ويجول في الصحف والقنوات والمواقع والإذاعات دون أن يعرفه أحد.
> اخترعنا المصدر الرسمي المبني للمجهول حتى يمتص خيبتنا ويجمل صورتنا ويتحمل كذبنا وفشلنا ولهذا المصدر طلعات عجيبة وتصريحات غريبة.
> لكن الناس لا يثقون به ولا يعتمدون عليه ولهم طرقهم وفنونهم ومصادرهم في معرفة الحقائق والأخبار.
> والمخزنون حتى الكبار منهم لا يقدرون أن يناموا أن يتبجحوا بما يعرفون وما يضعون وهكذا تتسرب المعلومات نصفها حقائق والنصف الآخر شائعات.
> سنشفق على الذين قبلوا بمهمة الناطق الرسمي وندعو لهم بالسداد والتوفيق ونلتمس العذر للذين كلفوا بالمهمة ولم ينطقوا حرفا.
> ونرى أن الزمن يتغير والناس يتغيرون والقادة والزعماء يرحلون ولو بعد حين وفي هذا ما يجعل مهمة الناطق الرسمي تتغير هي الأخرى.
> وبالعودة إلى المذكور في السطور الأولى فإنه أسس مدرسة جديدة وفريدة عرف كيف يدس الرسائل الخطيرة بين عبارات المرح والتندر.
> وقد آلفه الناس وأعجبوا بأسلوبه حتى خصومه الذين يتعرضون لقفشاته وهجومه ففي الختام كلهم أصحابه ويكن لهم التقدير والاحترام.
> وسنكتشف بعد حين أن للناطق الرسمي مهمة مستحيلة وأن لها شروط وفراسة وشجاعة ومن غير عبده الجندي يحمل هذه المواصفات الثقيلة.