المتسامحون هم سراج العبقرية في هذا العالم، أهل الحكمة والرشد، صنّاع التعايش، سدنة السلام، وعشاق الحياة، مصقولة أرواحهم بالحب دائماً، كما بهموم المستقبل الإنساني المثالي، يعتبرون العفو قوة، ويتجاوزون ألمهم بوعيهم الروحي العميق، يراهنون على القيمة الإنسانية العليا، يجدّدون أنفسهم، ويتفوقون.
العدوانيون ثأريون، وهم السبب الرئيس لسطوة الكراهية في هذا العالم، أهل الطيش والجهالة، يتشبعون بالعنف ويبتكرون الخراب، عصاة على تغيير وعيهم بالذات وبالآخر، صارمون في إذكاء تشوّهاتهم، خائبون، يفكرون في الماضي السيئ فقط، ويعتبرون العفو إهانة، كما أن الانتقام خط دفاعهم الأول.
إن العدوانية هي تاريخ التعاسة الإنسانية باختصار، أما التسامح فهو الذي يجعل السعادة حقاً أصيلاً ممكناً لكل إنسان؛ كذلك بالتسامح لا نكون مقهورين أو قاهرين، على عكس العدوانية التي تجعلنا مجرد مقهورين وقاهرين للأسف.
وحيث من الممكن أن يجعلنا التسامح شبه أنبياء مثلاً، فإن العدوانية تكرّسنا كحيوانات وأكثر، بالمحصلة: يجعلنا التسامح نصون بعضنا بعضاً، بينما العدوانية تجعلنا مباحين لبعضنا إلى الأبد.
fathi_nasr@hotmail.com