«1»
يخدعون أنفسهم إذ يعتقدون بأن العنف هو النهج الأفضل لممارسة السلم، كما يؤمنون بأن تسلّطهم يؤسّس لمجتمع الشراكة والعدل . على أنهم يحتاجون إلى دمج حقيقي في الحياة الوطنية كي يتجاوزوا تراكمات كل هذا الوعي المشوّه الذي ترعرعوا فيه. وبما أنهم لايستوعبون الحاجات المعاصرة للمجتمعات والدول فإنهم يميلون لمعاداة فكرتي المجتمع والدولة على وجه الخصوص. طبعاً كل ماسبق يمثّل معطيات استغلالهم السياسي للدين ببعده المتطرّف وجائحة الارهاب التي تتفاقم في مجتمعاتنا باعتبارها النتاج الطبيعي لتلك المعطيات الآثمة أيضاً. والحاصل أن الأيديولوجية الجهادية بشقيها السني والشيعي تتطابق في خضم ذات المعطيات من خلال تمجيد العنف وتضييق فرص التعايش ومحاصرة الحاضر ووأد المستقبل وتشويه الدين واحتكار فهمه والانتشاء بالتخلف واحتقار التحديث..إلخ . وهكذا جيلاً بعد جيل نتأكد أن أرباب هذا النوع الأسوأ من استغلال الدين جشعون إلى السلطة فقط وامتيازاتها الرمزية والمعنوية، وهم حين يريدون أن يعتاد المجتمع على العنف وتمثّلاته لأنهم لايعيشون سوى في هذا المستنقع العنفي الذي يأملون أن يكون اعتيادياً ويستحق الحفاوة ، فإنهم يستمرون بالمحصلة أكثر دأباً على اختزال الواقع في رؤيتهم المحدودة والنمطية والمغلقة للواقع نفسه، بينما لا ينتجون خطاباً دينياً حضارياً جديداً وخلاقاً أكثر حيوية وموضوعية وسلاماً بحيث أن إعادة الاعتبار الروحي والعقلاني للدين من شأنه أن يقطع عنهم شريانهم الوجودي كما يعتقدون ؛ على أنها المعضلة الكبرى التي تعيقهم عن الاقرار بالداء المتأصل ومعالجته نحو التشافي والتحول والارتقاء، وهي معضلة متجذرة تعيقنا بالمقابل عن التحرر من وعيهم الهمجي الأرعن والمأزوم الذي يتوسع باسم الدين للأسف.!
«2»
صدّقوني.. المنظر البديع لأطفال المدارس كل صباح يدين كل حملة السلاح في هذا البلد ويستنكر في الصميم تواطؤنا المخزي كمجتمع تجاه كل ماتزخر به اليمن من كم هائل وفظيع من السلاح!
fathi_nasr@hotmail.com