ليس جديداً الحديث عن ارتباط المتمردين الحوثيين في صعدة اليمنية، بالنظام الايراني، توجيها وتمويلا وعمالة، وعلى هذا يمكن القول ان ايران تشن حربًا على اليمن انما بالواسطة المحلية وليس صعباً على المرء معرفة ابعاد قدرات الحوثيين التسليحية والتدريبية والتمويلية وكونها ابعد من ان تكون ذاتية وبكل المؤشرات نعرف انها ايرانية بيقين، كما ان الدعم السياسي العلني يكشف ذلك على رؤوس الاشهاد وهو ما يعد بكل المقاييس تدخلاً سافرًا ووقحًا في الشان الداخلي اليمني، لكن قراءة شاملة لصفحات المشروع الايراني الالحاقي للمنطقة العربية، المراد تنفيذه عبر بلقنة منطقة الشرق الاوسط برمتها تكشف دوافع وامتدادات الحرب الايرانية على اليمن، فامتدادات هذه الحرب هي كماشة او حلقة تمر بصعدة وتعبر عمان والامارات من خلال عمليات الاستيطان والتجنس التي تبدو مظهرياً وكانها امور طبيعية تتم بشكل عادي ومسالم ولا تشكل خطرًا على هذه البلدان، ففي الامارات العربية المتحدة وحدها هناك اكثر من عشرة آلاف شركة ايرانية بين صغيرة وكبيرة تعمل في مختلف قطاعات الحياة ومئات الآلاف من الايدي العاملة فيها والملحقين بهم من عوائلهم، وهذا يعني في الحقيقة ان هذا (اللوبي) الايراني او (المافيا الايرانية في الحقيقة) الاقتصادية والاجتماعية، يمكنها اولاً وهو ما يحصل فعلا الان، تغيير طبيعة هوية وثقافة وتقاليد المجتمع الاماراتي ونسيجه العام، كما ان بامكان هذه المافيا ان تشل الحياة في دولة الامارات في غضون ساعات في عموم ميادينها وفي المقدمة الاقتصادية والخدمية والاتصالات والمواصلات، لحظة تتلقى الامر بذلك، ومن المؤسف ان دولة الامارات لا تعي هذا الخطر او لا تتحسب له كما يجب، بينما هو اشبه بقنبلة مرتبطة بصاعق مركزه في طهران وزر تفجيره بيد الولي الفقيه، ويمتد خط الكماشة او الحلقة الى البحرين التي ما زالت ايران تدعي انها محافظة ايرانية سرًا وعلانية، حيث بدات توجه شيعة البلد الاثني عشرية، الى تغيير اتجاه ولائهم من الولاء لدولتهم الى الولاء لطهران، عبر ادعاءات طائفية تتخذ سمة الولاء لمرجعية قم وحوزتها الدينية على وفق المذهب الجعفري، وهو غطاء مهلهل يرمي الى نزع صفة المواطنة البحرينية وارتداء لبوس الطائفية، وهو السر في مطالبة قسم ممن صدقوا ادعاءات طهران واستجابوا لها بمحاصصة في الحكم، وهو ما لا يتفق وهوية البلاد السياسية وقوانينها ونظامها البعيد عن الطائفية، الامر الذي فجر صراعاً دموياً على الساحة البحرينية تتحمل مسؤوليته بكل يقين طهران وحكامها، واذا صعدنا الى الكويت ونظرنا الى اعداد الايرانيين العاملين في دوائرها وشركاتها وعرفنا ان الرقم يتجاوز 300 الف عامل ايراني، فان حجم القنبلة الايرانية (الاجتماعية والاقتصادية) في منطقة الخليج، سيتضح امام اعيننا بجلاء، ولا نريد ان نتحدث عن العراق، فالنفوذ الايراني فيه يعرفه حتى الاعمى والاصم، وفي لبنان يكفي ان نقول ان ايران تمكنت من بناء دولة داخل الدولة اللبنانية، عبر بسط هيمنة حزب الله على الجنوب اللبناني وافراغه من مؤسسات الدولة اللبنانية، وايران تتحمل بكل يقين مسؤولية حرب حزب الله - اسرائيل التي الحقت دماراً هائلاً بكل لبنان وهي التي دفعت حزب الله الى استعراض قوته واحتلال العاصمة بيروت لتثبيت اركان دولة الجنوب، كما انها السبب في تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية من قبل الاكثرية الفائزة في الانتخابات بقيادة سعد الحريري منذ عدة اشهر، وفي فلسطين فان الدور الايراني في تفجير الصراع بين فتح وحماس وفصائل فلسطينية اخرى وتشكيل مجاميع مسلحة موالية لطهران وجر حماس الى حرب دمرت فيها غزة هو الاخر ثابت ومعروف، وعند العبور من غزة الى القاهرة فان قضية خلية حزب الله معروفة ايضاً ومحاولات نشر التشيع على وفق الثقافة الايرانية معروفة ايضاً، هذه الكماشة التي تطوق الوطن العربي في اهم مناطقه (الشرق الاوسط) بات مركزها اليوم، الحرب اليمنية السادسة كما شاعت التسمية اعلامياً، وهي حرب ايرانية على اليمن بكل معان العبارة وان تمت بواسطة محلية فذلك هو اسلوب ايران في المنطقة العربية (اعتماد البدائل المحلية) ومحاولات دبلوماسيين ايرانيين في مصر تجنيد يمنيين للقتال الى جانب الحوثيين كشفته السلطات المصرية اكبر دليل على ذلك.
تفجير الاوضاع في اليمن اذن انذار ورسالة ايرانية واضحة المعالم فحواها ان النظام الايراني قادر على احراق المنطقة العربية باكملها ان لم تتقبل هيمنته ونفوذه، فهل سيستلم العرب هذه الرسالة ويمحون سطورها كما يتوجب عليهم، وكما يفعل اليمن في كسر شوكة عملاء ايران في الداخل العربي ودفن خلاياها النائمة والتحرر من هيمنتها على الاقتصاد العربي، ام يغضو الطرف فيصحون ذات فجر على (صعدة والحوثيين) في كل مدينة من مدنهم يجرون مدافعهم؟؟
* كاتب وصحفي عراقي
abdollah1950@gmail.com
*نقلا عن موقع العراق للجميع