لعل كل يمني بعد أكثر من 50 سنة على الثورة الأولى وثلاث سنوات ونصف على ثورة 2011 سوف لن يذعن بالتأكيد لغير أحلام الدولة المدنية، دولة القانون والمواطنة المتساوية والكرامة والازدهار والنضال والتداول السلميين، ذلك أن هذا المسعى القدير وحده هو الفاعل الحقيقي لنجاة المجتمع من آفات التسلط والهمجية والاستئثار والطائفية. كما أن كل قوة دينية أو اجتماعية هي أضعف من أن تهيمن على الدولة القادمة؛ بل أن الشعب هو من يصد فكرة الاحتكار والاستعلاء المرفوضين إضافة إلى كل تسييس استغلالي غير مستساغ للدين.. لذلك فإن معركتنا بالمقام الأول اليوم خصوصاً في ظل الخطر الطائفي المستشري هي مع الأصولية أينما كانت.
والمعنى أن نتفق على الإنسان أولاً وأخيراً.. الإنسان الذي جذوره المحبة.. وغايته التسامح والبناء والشراكة والتقدم والإبداع والسلام.. والثابت أنه لامناص من أهمية تدعيم فكرة الدولة حتى يكون المركز الممتاز لها وليس لمراكز القوى والنفوذ من أي نوع وصنف.
يقول البردوني الخالد في قصيدته المعروفة “ في وجه الغزوة االثالثة “:
يصبح الموت موطناً… حين يمسي وطن أنت منه، أوحش غربة
(..)
إنهم يطبخوننا، كي يذوقوا عندما ينضجوننا، شرّ وجبه
(..)
يَصْعُبُ الثائر المضحّي ويقوى حين يدري، أنّ المهمة صعبة.
fathi_nasr@hotmail.com