لمعرفة تفكير أي مجتمع علينا أن نتأمل كيفية قيادة السيارات فيه، ومشهد اجتياز المواطنين للشوارع، كمعيار موضوعي وأسرع، شديد العمق والدلالة على عقلية المجتمع. والحاصل أن ضحايا حوادث السير والطرقات في اليمن ينافسون ضحايا أشنع الأوبئة الفاتكة كما أشرس الحروب الداخلية أيضاً، طرقات موت محقق، وإجراءات سلامة مفقودة، مابين عامي 2009 - 2013 أودت الحوادث المرورية بحياة 13360 شخصاً وأصيب 76074 بسببها، حسب إحصائية رسمية.. وذكرت إحصائية سابقة أن 17 ألف شخص قضوا في حوادث السير خلال الأعوام 2006 - 2011، و95 ألف مصاب .. ياللهووووول.
بالتأكيد إنها أرقام فادحة، وكبيرة ومخيفة، على أنها كقياس بسيط، وتمثل أيضاً واحدة من أعلى المعدلات على مستوى العرب و العالم بإجماع، لذلك من المهم تطوير المنظومة القانونية على نحو رادع، إضافة إلى تطوير إجراءات السلامة الضرورية للحد من الظاهرة.
فالشاهد أن اليمني لا يستطيع التجاوز أثناء القيادة بشكل سليم لكأنما وصمة خاصة به لا يحب على الإطلاق أن يضاهيه فيها أحد.!
فضلاً عن أنه يقود بتهور تام غالباً “ أي كيفما اتفق “، هناك بالطبع انتهاء الصلاحية الفنية للطرق والمركبات باعتبارها أهم المسببات لهذه الكوارث اللامعقولة، بلغة أخرى: لا توعية مرورية يعول عليها داخل مجتمع لا يحترم الإرشادات والاحتياطات للأسف.. مجتمع مبرمج على صيغ المصادفة واللامبالاة. وأما في المجتمعات التي تقدر حياة الإنسان في هذا السياق يكون لخبراء السلامة دور أساسي في صياغة وعي الحكومة تجاه حالة السلامة والحماية المرورية. إلى متى سنستمر باعتبارنا “ مجرد شعب لا يعرف يمشي ولا يعرف يسوق ولا يستحق طرقات آمنة في الأساس لأنه في ظل مسؤولين بلا مسؤولية يسخرون مما يعتبرونه تصدياً للقضاء والقدر! “. وهكذا.. تتجدد بإفراط حوادث صدام السيارات وحوادث انقلاب المركبات، وحوادث الدهس.. الخ.. بينما تتناسل المآسي والخسائر البشرية والمادية المروعة كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وكل عام.
إرهاب لا يتصدى له أحد، وربما لاينتبه له أحد!
بل أكثر من إرهاب!
استهتار في القيادة والعبور والمشي لتزدحم المستشفيات الرثة والمكتظة على نحو ملفت بالضحايا في سباق مفجع إلى المقبرة فقط، على أن هذه الحوادث هي القاتل الأكثر انتشاراً ودأباً، لاشك.
والخلاصة: أننا حين نستشعر الحد من تلك الأرقام في ظل ارتفاع إجراءات الحماية المرورية يمكننا الوثوق بحصول تحولات مبشرة في الوعي العام باتجاه احترام أكثر للحياة وللإنسان.
رافقتكم السلامة دائماً..
fathi_nasr@hotmail.com