كوكبة كبيرة من الشهداء جادت بهم غزة، نصرة لإرادة الأمة في الكرامة والحرية ورفض الظلم، تلك الكوكبة في صدارتها مجاميع من جثث الأطفال والنساء والشيوخ التي بلورت نهم المجرمين الصهاينة وتعطشهم المعهود للدماء الفلسطينية.
المجرمون اليهود لم يتركوا شارداً أو وارداً من الناس إلا وصبوا عليهم نار حقدهم الدفين على الإسلام والمسلمين.. المجرمون اليهود طالت آلتهم التدمير من التراب بعد الشجر والحجر.. هدموا المساكن على قاطنيها دون ذرة من ضمير أو وازع إنساني.. وعلى مرأى ومسمع من العالم.. عالمنا المليء بالعجائب والغرائب والمتذبذب المواقف.. والمزاجي المعايير.
الحقيقة أن المجتمع الدولي يذكرنا بعهد الغاب حين كان يفترس الكبير الصغير دونما مبالاة من جنس من أجناس البشر وحتى المخلوقات.. المجتمع الدولي المزدوج المعايير حتى الإنسانية منها لم يتحرك كما هو مأمول منه، مجلس الأمن الدولي الذي عودنا على عقد الجلسات الطارئة إن حدث أي عدوان أو تهديد لمصالح هذا أو ذاك هاهو اليوم يبرز عجزه وتبعيته لدول معينة.. فالمئات من الأطفال تمزق أجسادهم ويجمعون أشلاء من تحت ركام منازلهم دونما صحوة ضمير إقليمي أو حتى دولي.. الجثث المتفحمة جراء طرائق الانفجارات والاستهدافات الصهيونية لكل ماهو حي أو يتحرك في غزة بمناظرها المؤلمة والمحزنة والمقززة.. لم يصح ضمير ميت أو حي لمشاهدتها.. وأين جماهير الأمة العربية والإسلامية مما جرى ويجري من تدمير للبنى التحتية للمؤسسات الفلسطينية.. ومما يجري من استهداف لأسر وعائلات بأكملها في غزة العزة.
أين جهابذة السياسة والقيادات الإسلامية مما دار ويدور في غزة.. أليست تلك المناظر التي تتناقلها وسائل الإعلام للاستغاثات والمناشدات النابعة عن شدة المعاناة من الأمهات والآباء وحتى الأطفال بكافية لأن تصحي ضمير الأمة وقاداتها على المستويين العربي والإسلامي والدولي؟..
أليست الدماء المراقه على تراب غزة العزة.. بقادرة على أن تصحي ضمائر من ضمائرهم في سبات نوم عميق ليفيقوا ويدركوا حجم مسئولياتهم في بتر الأيدي المتطاولة على أرض وعرض وشرف وضمير ما تبقى من الأمة والتي تتوهج ألقاً نحو الدفاع عن الحرية والعدالة ومبادئ حقوق الإنسان في غزة العزة.
صحيح أن السياسة من أحقر السلوكيات الإنسانية للبشر.. لكنها أيضاً لا تترك الظالم يتمادى في بطشه ويتمادى في طغيانه وغيّه.. لأن السكوت إبراز ذلك ونضرب عليه مثالاً لما جرى ويجري في غزة.. فإن للصبر حدوداً وما أطلق عليه بثورة الربيع العربي أو الفوضى الخلاقة ستتحول إلى إعصار مدمر لن تجد له حلولاً أو حدوداً.. وحتى اليهود أنفسهم لا ولن ليسلموا من تبعاته وتداعياته.
رغم كل ما حدث ويحدث ستظل غزة رمزاً لعزة الصحوة العربية وللمقاومة العربية وشاهداً على حالة الخذلان العربي الذي يسود واقع الأمة العربية والإسلامية.. وهنا لابد لنا من الدعوة العاجلة لكل ذي ضمير حي .. ولكل صاحب رأي حر وفكر مستنير المطلوب منا جميعاً أن نساهم في إنقاذ غزة من هول النازيين والفاشيين اليهود الذي فقدوا أي وازع إنساني أو أخلاقي أو قيمي أو مجتمعي وصاروا يميطون اللثام عن قبح وجههم، وحقارة حقدهم على الأمة وأبنائها، فالكرة اليوم في مرمى الحكام والزعامات والفخامات العربية والإسلامية التي فقدت الكثير من قيمها الأخلاقية، وهل سنلمس صحوة لها تصور العزة لغزة العزة؟.. نتمنى ذلك.