في خضم الصراعات السياسية اللا وطنية؛ يحاول المثقف اليمني جاهداً الانحياز إلى ما يمثّل جامعاً وطنياً والتموضع داخل حلم المدنية والمواطنة.
صحيحٌ أن الوجود الاغترابي على رأس أزمات المثقف اليمني اليوم؛ في حين صارت تحاصره الهويّات المناطقية والمذهبية، لتجعل وعي الدولة يتراجع إلى الهامش؛ بينما يقفز وعي العصبويات إلى المتن في أولويات عديد مثقفين.
إلا أن الصورة مازالت فاعلة بالنسبة للمثقف الحداثي الوطني اليمني الذي لا يرضخ للثقافة التقليدية المسيطرة، ومكاسب الجماعات المغلقة.
والصادم هو أولئك المثقفون الذين يمارسون الانتقال من الضد إلى الضد، بينما يستنهضون التبرير والوعي الزائف؛ إذ يبرّرون اجتثاث خصومهم بكل أريحية وانفصام، بينما كانوا إلى قبل أعوام قليلة يطالبون بالتسامح والشراكة.
فضلاً عن ذلك كشفت التحوّلات العميقة التي وصلت إلى أعلى تمظهراتها خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة مقدار العقد والحساسيات التي يزخر بها المثقف اليمني.
والحاصل هو أن شروط الواقع اليمني القاسية والمتخلّفة جعلت كثيرين من المثقفين في حالة خصومة مع القيم التي كانوا ينادون بها وأبرزها قيم الحداثة والمدنية والسلام.
fathi_nasr@hotmail.com