لطالما كانت الكولسات آفة الحركة الوطنية، ففي كل مرحلة استمرّت تدخل بسببها إلى حالة اغتراب أكبر، باعتبار الكولسات صيغة مشوّهة وعدائية للتسويات والتفاهمات؛ فإنها ذات نزعة مغلقة ورديئة تحتقر الانفتاح وتمجّد الشلّة.
ذلك أنها تشتغل على مزاج الماضي الملوّث لا على المزاج المستقبلي الصحي، في حين تنتج أجيالاً محتقنة ومأزومة بالصراعات وليس أجيالاً متخفّفة وسوية.
ثم إن كل الجماعات والتكوينات السياسية واللا سياسية ـ دون استثناء كما يقول التاريخ اليمني المعاصر ـ تبدو مصابة بنسب متفاوتة بهذا الوباء المستأصل الذي ينشط من الحس التآمري والعصبوي، فضلاً عن البؤس الأدائي التقليدي.
وبالتالي لا يمكن للكولسات أن تصالحنا مع أنفسنا أبداً، فما بالكم بتحرير اليمنيين من الضغائن والتجاوز، طبعاً على اعتبار أن النُخبة نفسها مازالت تدأب على إعاقة النظر من الزاوية الأوسع، الزاوية التي بلا تعقيدات ولا حسابات خاصة.
لكن كما قال محمود درويش:
“سنصيرُ شعباً إن أَردنا..
حين نعلم أَننا لسنا ملائكة
وأَن الشر ليس من اختصاص الآخرين”.
صباحكم بلا كولسات.
fathi_nasr@hotmail.com