«يا صديقي.. بعض الثمار وفية لبراعمها؛ فعندما تكتمل ولا يلتقّفها أحد تتماسك بعفّة وتضمر وتنهي دورة حياتها بأثر جميل؛ فقط الثمار الرخوة القابلة للتعفُّن تسقط إلى الأرض وتنغمس في الوحل وتكتسي بعطب عفونة الزهو والادعاء، لا تحفل كثيراً بالمتساقطين والمتساقطات؛ سيتكفّل الوحل بوضع النهاية الملائمة لحياتهم، يبدو أننا نهرول إلى سجال عبثي نحن في غنى عنه؛ لسنا بحاجة إلى أن نتنازع حول صكوك الوفاء والوطنية والشرف؛ فقط من يفتقر إليها سيستبسل كي يثبتها في نفسه، الوطن أكبر من كل العابرين والمقيمين بالإيجار، هناك سبل أمثل للعمل النافع بعيداً عن النكايات ومقالات طبخ الشرفاء؛ أظننا سنتوسل المنهج في الحديث والتعبير، هذه طريق أنت تعرفها أكثر من غيرك».
دائماً سأظل أعتز بهذه الرسالة المفعمة بالإرادة والاستبصار، رغم انطوائها على شيء عميق من النهك في زمن العماء، الرسالة الأيقونة التي كانت قد وصلتني من صديقي الجميل المهاجر في فرنسا مصطفى ناجي «الجبزي» أعرف أن غصّته شاسعة كالبلاد، أعرف أيضاً أن البلاد تضيق عليه كخرم إبرة؛ وبالتأكيد ليس لنا ـ كما يعرف جيداً ـ سوى نشوة المبتسمين المكدودين بذلك النوع من الوجع الشّهي باللهفات والفقدانات، إضافة إلى اقتسام الخسارات الحلمية الشهمة - والمكابرة بالضرورة - بالعدل، وبالعدل فقط.
fathi_nasr@hotmail.com