- عذرا سبتمبر إن لم أتوقف أمامك.. وحسبي أن أتوقف أمام أوجاع الشعب الذي رفعت ثورته ستة من الأهداف العظيمة وستة من الأحلام المؤجلة.
وأما قبل..بقلم / عبدالله الصعفاني -
عذرا سبتمبر إن لم أتوقف أمامك.. وحسبي أن أتوقف أمام أوجاع الشعب الذي رفعت ثورته ستة من الأهداف العظيمة وستة من الأحلام المؤجلة.
وأما قبل..
إن بي رغبة في أن ألتهم هذا العالم المنافق والعدواني وألتهم من قبله هذه الامتدادات الحزبية والجهوية التي أوجدت كل هذا الفقر وكل هذا العوز وهذا التعقيد للحياة لعلي أحيط بما يجري حولي, لكنني مع شديد الحرقة والأسف لا استطيع أكثر من الإمساك بخيط أرجو أن لا ينقطع وهو خيط التكافل حيث لا بديل عن التعاون المجتمعي في مناسبة وطنية تنعش الذاكرة.
وقبل أن أغوص بسرعة في بحر المعاناة بالوجدان وحتى الإنشاء لابأس من التذكير ببعض الأرقام التي لا تكذب ولا تنافق ولا تتجمل أو تمسرح, ففي إحصائية عن ما خلفته الشهور الستة الماضية من العدوان ما يلي:
قرابة سبعة آلاف شهيد وضعف هذا الرقم من المصابين وأكثر من مائتي ألف منزل مدمر وفي بقية الأرقام كشف بما وراء التدمير وما سبقه وما اقترفناه بأيدينا وأيدي الآخر حيث صار عندنا أكثر من عشرين مليون جائع وملايين فقدوا أعمالهم وملايين المحرومين من التعليم وملايين الأطفال عرضة للأمراض القاتلة.
وإذن فإن لسان حال الصورة لا بديل عن التعاون المجتمعي داخل مائة وخمسة وثلاثين ألف قرية وتجمع سكاني طالما امتصت الكثير من الأزمات وعليها أن تواصل بالمزيد من اللفتات الاجتماعية واللفتات الإنسانية بعد أن تكاثرت أعداد المحتاجين والنازحين والمشردين ومن انقطعت أرزاقهم وضربت أسباب حياتهم المعيشية في مقتل.
إن المشهد اليمني كما لا يخفى على من يمتلك بصرا أو بصيرة يفرض على اليمنيين بمختلف هوياتهم الحزبية وتشعباتهم الجهوية أن يكونوا لبعضهم بلسما ومسكنات ألم حتى يتجاوز الوطن هذه المحن والشدائد والصعوبات والمعوقات خاصة بعد أن ثبت أن صراخ المظلومين يختفي في الفراغ الأجدب.
أنتم وأنا وهم وكل من يستطيع أن يقدم شيئا بحاجة لعدم نسيان أن ملايين المنكوبين والثكالى واليتامى ومن فقدوا عائلهم والعاطلين الفقراء بحاجة إلى المواد الغذائية.. إلى الملابس.. إلى سكن النزوح.. إلى عمليات جراحية واستقبال إنساني في أقسام طوارئ المستشفيات الحكومية والأهلية فهل من سبيل إلى تكافل اجتماعي يرتقي إلى واقع الحال..؟
بالمناسبة.. في هذه اللحظة تعرض ابنتي أمامي وقد عرفت موضوع هذه الوقفة صورة لمجنون يسقي قطة شاردة من قارورة ماء أو حليب مذيلة بعبارة تمثل وخزة في القلب والعقل (مجنون يسقي قطة ماء.. لقد فقد عقله ولم يفقد ضميره) حتى أن كل ما أحتاجه الآن هو النوم في غرفة أكثر ظلاما من ظلام البحث عن القطة السوداء في الغرفة المظلمة.
وسيرا على عادتي في الرجاء.. أرجو أن لا يقول أحدكم أن الحياة الكريمة مرتبطة بالتضخم والتوازن بين الأجور والأسعار بعد الذي كان من رجال سياسة واقتصاد وكلمنجية ذهبوا بالبلاد نحو الداهية.. والصحيح هو أن نبادر نحو ما هو متاح من الإمساك بخيط تكافل اجتماعي أتمنى أن لا ينقطع.
الأوضاع الاجتماعية الحياتية المعيشية صعبة وما هو متاح هو التعاون المجتمعي الذي يأخذ في الاعتبار أن الإخوة في الوطن لبعضهم وأن الضحايا أولى بالرعاية وأن الجار أسبق بالشفقة والأقربين أولى بالمعروف وأن شعب الايمان والحكمة أمام تحديات كثيرة وكبيرة وعليه إثبات أن الشعوب الحية لا تلغي التكافل من قاموسها ولا تتوقف عن العطاء.
من يحس بالجوع أو القهر أو الظلم يستحق من كل قادر أن يقف إلى جانبه.. يواسيه.. يدعمه.. وقديما قالوا ما أمسى عند جارك أصبح في دارك وكم من عزيز ذل ولا يجوز أن يأمن أحد الدهر ومصائبه أو أن ننسى كون البخل شقاء ولؤم وأن الزكاة اقترنت بالصلاة وأن الصدقة جزء أصيل في حياة المؤمن.
البلد في أزمة والشعب في امتحان.. ومن أجل أن نبقى داخل الزمن وداخل الإيمان وفي قلب الحكمة تعالوا نتفقد بعضنا ونكون لبعضنا دعما وبلسما ومثبطا للأوجاع.
اجعلوا الطفل اليتيم يكتب في دفتره ما تزال الدنيا بخير.. واجعلوا من الإحسان والإنسانية عيدا يوميا حتى يغادر الوطن هذا الحال.
ومن يدري.. لعل الله يعجل بالفرج ويتذكر الفرقاء أن الجهل طول الزمن عيب وأنه بعد الذي كان ويكون من سحب البلاد إلى الكوارث لا مفر من المراجعة واستحضار قول الشاعر الحكيم:
إذا احتربت يوما فسالت دماؤها
تذكرت القربى ففاضت دموعها
نقلا عن صحيفة الثورة