* فجأة، وعلى الطريقة الليبية الاستباقية في إعلان هلال رمضان وعيد الفطر قبل العرب اجمع , أعُلن في محافظة لحج -أمس الأول- عن بدء فعاليات خليجي 20.
خبر سار، لكنه كان سيطبع الكثير من البهجة في قلوب كل اليمنيين، حتى أكثر المتشائمين من إمكانية استضافة بلادنا للبطولة، لو أن الفعاليات التي أعلنها وزير الداخلية هي لـ "بطولة خليجي 20 الكروية"، وليس بطولة "خليجي 20 ألف جندي"، أو يزيدون قليلاً.
* الجانب الأمني، شيء أساسي في كافة البطولات الكروية العالمية، وخاصة لحدث هام تستضيفه بلادنا للمرة الأولى، وتتربص به الكثير من الأذرع الشيطانية بغية إفشاله، لكن، لماذا لا تبرز عظمتنا إلاَّ في التسلح، وتخفت في الجوانب المتبقية بهذه البطولة؟!.
* نعرف أن الطمأنينة والأمان، المطلب الرئيس للأشقاء الخليجيين، والشرط الأول لحضورهم إلى عدن، لكن طمأنة المرعوب لاتعالج برعب أفظع.
*قرأت عددا من التعليقات , لقراء ومتابعين خليجيين , في موقع "العربية نت" وعدد من المواقع الخليجية، تعقيباً على أخبار "نشر اليمن لـ 30 الف جندي" وكافة الأخبار المتعلقة ببطولة خليجي 20، ووجدتها جميعاً ترتعد من الخوف.
النساء يقلن: "هذه حرب أعتقد أن عيالنا ما يردون سلامات"!!.
والرجال: "هذه أم المعارك وليست بطولة كرة، وإخاء وسلام"!!.
* كثير من الأقلام، ووسائل الإعلام الخليجية، وخصوصاً الإلكترونية، لاتكاد تصدق نفسها حين تسمع نبأ وقوع حادث تخريبي في اليمن، سواء كان بحضرموت، أو شبوة، أو عدن، أو الراهدة، حتى تبدأ بالتأويل، والتحليل، والتنبؤ، بأن كل "قارح" في هذا البلد، هدفه إفشال خليجي 20، فلماذا نحرص على تحقيق أمانيهم، وزف الأنباء الأمنية فقط، بأننا نشرنا، وشيدنا، ووضعنا، وزرعنا آلاف الجنود في محيط المحافظات الحاضنة لـ "خليجي"، ثم نقول لهم إننا بدأنا تدشين البطولة بهم مثلاً؟!!.
* كان من المفترض أن تكتفي اللجنة الأمنية العليا للبطولة، بتصريح رئيس الجمهورية لوسائل الإعلام عقب زيارته للمنشآت الخاصة بالبطولة في عدن وأبين، والذي كان شاملاً بتفاصيله الأمنية، ومطمئناً للغاية لكل الدول الخليجية، خاصة أنه صادر من رئيس جمهورية ,وليس من حميد شيباني، وكان يتمشى بقدمه على "ستاد" البطولة في أبين، التي كانت تدور فيها -حينذاك -معارك مع إرهابيي لودر.
* أعتقد أن تصريحا كهذا، كان رسالة سلام وأمن مكتملة، وبعدئذ، من حق اللجنة الأمنية أن تشيَّد ما تريد من أنواع وأحجام الأحزمة الأمنية، ولكن بصمت، ودون إثارة جديدة لقلق أي دولة خليجية مشاركة.
* صباح السبت الماضي، كان مركز الإعلام الأمني التابع للداخلية - وهو موقع إلكتروني "بدائي" تفاخر الوزارة أنه ناطق رسمي بلسان أجهزتها- يبث خبراً عن إفشال الأجهزة الأمنية لمخطط إرهابي يستهدف تفجير عدة منشآت في عدن.
* ورغم أن الخبر لم يعرف طريقه إلى الصحف الرسمية والمواقع الإلكترونية شبه الرسمية أيضاً، إلاّ أنه طار بسرعة البرق إلى كل الصحف والمواقع الخليجية، والوكالات العالمية، التي نسبت الخبر إلى "ناطق الوزارة" المبجل.
* قال خبر موقع الوزارة: "إنها كشفت عصابة تخريبية مكونة من 8 أشخاص كانت تخطط للقيام بأعمال تخريبية في المحافظة تستهدف الأمن والاستقرار".
لم يكتف الموقع بزف هذه البشرى فقط، بل زاد: "تم إلقاء القبض على شخص يبلغ من العمر 30 عاماً أثناء محاولته وضع متفجرات، وكان بحوزته كيس بلاستيكي، بداخلة عبوة ناسفة،" تي إن تي"، قوتها 1800 غرام، مع صاعق، وساعة توقيت، وحبل قابل للاشتعال"!!.
* ما رأيكم بجمال، وروعة تفاصيل هذا الخبر السعيد؟!.
اعتقد أنها تناسب جمهور قناة "طيور الجنة"!!
* كيف نريد أن نقع الأِشقاء الخليجيين بأن "بلادنا آمنة"، ونحن ننعش أيامهم بأخبار مرعبة، من كتلك التي يبثها "مركز الداخلية" التي تجعل ساكن الأرجنتين يقشعر وهو في بلده، حتى ولو لم يفكر بزيارة هذا البلد إطلاقاً..
- باعتقادي , أن لسان الخليج أجمع "ده انا بخاف من الكلب يطلع لي أسد"، وأسلاك، وتي إن تي، وصاعق، وساعة توقيت.. إلخ إلخ إلخ.
* تملك كل وزارات داخلية بلدان العالم، مراكز إعلام أمنية، أو حربية كما تسمى في بعض الدول، لكن مراكز الإعلام الحربية لاتشن علينا حروباً يومية كالتي يشنها مركز إعلام الداخلية اليمني, الذي يمطرنا يومياً، بسيل لا ينقطع من الأنباء التي تقطع النسل كـ "استعادة سيارتين منهوبتين في عمران وقاطرة في لحج"، "ضبط متهم بإطلاق النار على القطاع العسكري بردفان"، "استشهاد نائب مدير البحث بعاهم حجة"، "الداخلية توجه بخطة لتأمين القاطرات في مأرب"، "احتواء المواجهات المسلحة بين بني ضبيان والسهمان بصنعاء بعد 7 قتلى".
* هذا غيض من فيض ما جاد به المركز ليلة الأحد الماضي فقط، فكيف تريدون من الأشقاء أن يضعو في بطونهم "بطيخ شتوي"، ويشدون الرحال إلى اليمن، الذي يشتكي كل عضو فيه، في مركز الإعلام الأمني.
استروا ما ستر الله على الأقل يا خلق..
* لست ضد فكرة إنشاء مركز إعلام أمني طبعاً، مستاء فقط من العشوائية التي يدار بها، وفي هذه الظروف بالذات، ولا يهمني إن كانت تصريحات، المصري، الزوعري، القوسي محمد، القوسي فضل، البروي، تتصدر واجهته بنفس الكلام وعدد السطور، مع تغيير الأسماء فقط.