سنتبنى الديمقراطية, ونحافظ على حقوق الانسان, لا مكان للإقصاء والظلم, لا حبس للصحفيين أو اغلاق لوسائل اعلامية بعد اليوم, انتهت أيام الاستبداد الى غير رجعة, نحن نعبر عن الشعب, كانت تلك عبارات يطلقها بعض الزعماء السياسيين أو الثوريين فور استلامهم للسلطة عقب ثورات الشعوب على الأنظمة التي سبقتهم, وبمرور السنوات يتمكنوا من احتواء المد الثوري وتحويل حكمهم الى حكم دكتاتوري أشد ظلماً من سابقيهم غالباً .
نلاحظ أن هناك فروقاً شاسعة بين الثورات التي حصلت في العقد الماضي والثورات التي حصلت في العقود التي قبلها, ولو أخذنا التجربة المصرية كمثال سنجد أن حكم الإخوان لم يُكمل بضعة أشهر الا وخرجت الملايين في ثورة جديدة ضده .
في العقود الماضية كانت النخبة الثقافية هي التي تدرك أن النظام البديل أو الجديد لا يسير في الطريق الصحيح وانه بدأ في تأسيس دكتاتورية جديدة, لكنها لم تكن تمتلك الأدوات الكافية لإيصال تلك الرسالة الى الجماهير التي يمكن أن يُحدث وعيها بتلك الأمور تغييراً حقيقياً على الأرض قبل تَمكُن الزعيم الجديد من فرض الأمر الواقع والإمساك بكل مفاصل الدولة وتجييرها لخدمته .
اليوم تغيرت تلك الأوضاع بسبب الطفرة الإعلامية الهائلة بعد دخول الإنترنت والإعلام الرقمي الفائق السرعة والقليل الكلفة, والثابت الوحيد هو عقول البعض الذين الى الأن لم يستوعبوا بشكل كامل تلك الحقيقة .
ما أثارني لكتابة هذا المقال هو مقطع فيديو مدته دقيقتين فقط أعده الإعلامي المصري المعروف يسري فوده عن الأحداث التي وقعت حول قصر الاتحادية " القصر الجمهوري في مصر " ونشر على موقع اليوتيوب تحت عنوان " رد ناري من يسري فوده على خطاب الرئيس ", هذا المقطع فند ادعاءات الإخوان التي روجوها لأكثر من 72 ساعة حول الحادثة وصرفوا عليها الملايين, ذلك المقطع أثبت بالصوت والصورة ومن جوار القصر ما حصل وبشكل موثق وتعليق ناري من يسري فوده وكيف جمع الإخوان عناصرهم وكيف نظموا صفوفهم فيما يشبه المليشيات العسكرية, ووثق المقطع اقتلاعهم لخيام شباب الثورة وطردهم لهم بالقوة المفرطة واختتم المقط بلقطة يظهر فيها أحد الإخوان وهو يكمم فم احدى الثائرات وهي في عمر والدته .
ذلك المقطع وغيره من المقاطع التي انتشرت للرئيس مرسي وهو يقول الكلمة ويفعل عكسها, يذكر الجملة ثم نقيضها , يتفوه بالوعد ثم يفعل عكسه, تلك المقاطع هي ما الهب حماس الجماهير ودفعهم للخروج قبل أن يتمكن مرسي وجماعة الاخوان من صناعة فرعونية جديدة في مصر .
نسي مرسي وجماعته أن كل خطاه مسجلة وكل حركاته محسوبة وان كل مواطن يحمل جوالاً أصبح كمراسل لقناة تلفزيونية, فلم يعد باستطاعة أحد فبركة الأخبار والتضليل على الرأي العام .
لقد أصبح مرسي وللأسف مسخرة للكثير من البرامج التلفزيونية بسبب ضعف خطاباته وكثرة تناقضاتها وأصبح عدد المقاطع التي تسخر منه أكثر من كل المقاطع التي سخرت من رؤساء كل الأنظمة العربية التي سقطت مؤخراً .
وفي الأخير أقول لزعمائنا الجدد صح النوم شباب "الفيس بوك" و " تويتر " متربصون بكم . |