كلنا نعلق الآمال الكبيرة والصغيرة.. الطويلة والعريضة على نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل انطلاقاً من كونها تمثل عصارة جهود فكر وعطاء المتحاورين الذين مثلوا ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والأيديولوجي اليمني.. وهنا لا يساورنا أدنى شك بأن خلاصة تلك الجهود ستكون بمثابة البلسم الشافي لمجمل جروح الأمة والوطن الغائرة بفعل ما لحق بواقعنا من تشوهات وظهور نتوءات غريبة ودخيلة على مجتمعنا.
إن قناعاتنا بمخرجات الحوار كاستحقاق لابد من للخروج من هذا الواقع نابعة أيضاً من رؤيتنا لمجمل الأحداث الداخلية والخارجية في قطرنا أو في بعض الأقطار العربية الشقيقة سواء تلك التي طحنتها الأزمات التي عانت منها أو تلك التي تجاوزت بعض تداعياتها المؤلمة.. حيث إن مبدأ الحوار الذي تغلب في المنطق اليمني على خيار الحرب والاقتتال صار من إيجابيات التحولات والأحداث التي شهدتها ساحات بعض الدول العربية جراء ما أطلق عليه جزافاً بالربيع العربي والذي لم يعد ربيعاً بل خريفاً مزعجاً.. ونستدل على طرحنا هذا بتداعيات ما حدث في ليبيا بعد تونس ومصر والبحرين وما يحدث اليوم في سوريا... وهو الواقع الذي بدأت تتبلور إفرازاته بما توصل إليه الأشقاء في تونس من قناعات باعتماد أسلوب الحوار باعتباره حصيلة أي خلافات أو انشقاقات أو حتى حروب.. كون المعطيات أكدت أن الحرب لا تخلف إلا الدمار والخراب..
لهذا فإن اليمنيين الحكماء فعلاً عندما اختاروا منذ وقت مبكر الحوار لحل قضاياهم الخلافية كانوا بذلك خيرة العقلاء والحكماء في وقعنا وفي محيطنا.. فأذهلوا بانتهاج هذا المبدأ كل من حولهم وصار الشرق والغرب يثمن نهج اليمنيين وخياراتهم في حل قضاياهم والتغلب على مشاكلهم رغم ما يزخر به الواقع اليمني من تناقضات.. فالقبيلة موجودة والتنوع المذهبي.. واحتواء اليمني لعشرات الملايين من قطع السلاح، إلى جانب تنوع وتعدد الولاءات والانتماءات الحزبية، إلى جانب التدخلات الخارجية المتنوعة تمويلاً وتسليحاً.. وضخامة حجم القضايا كان الحكماء أقوى.. وإلى جانبهم كل العقلاء والوطنيين الذين أجمعوا على لغة الحوار بدلاً عن لغة السلاح..
من هنا نستوحي أن خلاصة الحوار الذي طلت بشائره سوف تساعدنا على تجاوز الواقع المر الذي تعيشه الأمة والوطن... وأن معشر المتحاورين الذين يمثلون اليمن الواحد سينتصرون لإرادة الأمة وسيكونون بما سيتوصلون إليه قد جددوا تلك الثقة التي منحهم إياها الوطن وأبناؤه.
كما أننا وفي خاتمة هذه التناولة على قناعة أن ما تبقى من نقاط مدار حوار سوف يجمع الحكماء على حلها وتجاوز عراقيلها فنتائج الحوار ستكون الشاهد على مصداقية المتحاورين تجاه ما يهم أمتهم ووطنهم.