بلغ الإرهاب ذروة شأنه، إن كان للانحطاط ذرى، في الهجوم الوحشي المقزز على المستشفى العسكري في صنعاء.
المناظر مبثوثة على كل الشاشات، وهي مذهلة، قطعان من الإرهابيين يطلقون النار على كل آدمي، ممرضة، مريضة، زائر، طبيب، صغير، كبير، بالرصاص الحي، وبالقنابل، وعن قرب، وجها لوجه، والقاتل يرى رمشة القتيل قبل فعلته، بلحظات.
إنها مجزرة وحشية مروعة، تذكرنا بما يفعله شبيحة الأسد في سوريا، وإرهابيو داعش والنصرة من طرف آخر. هناك في الشام المنكوبة.
اليمن يمر بفترة صعبة، وساسته يتحاورون، وما زالوا، حول الدستور، وشكل النظام، ومسألة الجنوب والشمال، وإرهابيو «القاعدة» يعيثون فسادا ويزدادون توحشا.
مجزرة مستشفى العرضي ليست شاذة عن سياق، فقد سبقها هجوم على مقر الداخلية راح ضحيته العشرات، وهجوم انتحاري على عرض عسكري، تناثرت أشلاء الجنود المساكين فيه ذات اليمين وذات الشمال، كما أنه بعد جريمة المستشفى جرى طعن قنصل ياباني في منطقة حصينة بصنعاء، وهي حي «حدة» الراقي، بغرض اختطاف القنصل، لكن الله سلم.
«القاعدة في اليمن» هي الأكثر تنظيما ونشاطا وحرية حركة، وسبب ذلك عدم اشتداد عود الدولة وبسط يدها في اليمن، فـ«القاعدة»، عملا وفكرا ونشاطا، تزدهر في ظل ضعف مناعة الدولة اليمنية، وكلما تأخر إنجاز العبور إلى ضفة الدولة، تكاثرت المياه الملوثة التي تسبح فيها تماسيح الإرهاب ويعيث فيها بعوضه.
«القاعدة في اليمن» ليست ضررا على اليمن وأهله وحدهم، بل إن هذا التنظيم الهجين، من يمنيين وسعوديين، وغيرهم، هو ضرر محض، وشر خالص، موجه للسعودية قبل غيرها، ثم لبقية دول الخليج، والعالم العربي أجمع، وحتى دول العالم كلها، ذاكرين هنا كيف جرى الإعداد، من اليمن، لهجمات إرهابية ضد أوروبا وأميركا.
هناك دبلوماسي سعودي مختطف من قبل تنظيم القاعدة في اليمن، وما زال، والتحضير لعملية اغتيال وزير الداخلية السعودي الحالي، الأمير محمد بن نايف، جرى في اليمن، وجاء منفذها من هناك، وكادت تنجح لولا لطف الأقدار.
إذن، فليس هذا هو الوقت الذي يمارس فيه ساسة اليمن «الكيد» لبعضهم، كما حاول أحد رموز الحراك الجنوبي اتهام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بأنه من دبر هجوم المستشفى العسكري، فالقصة أكبر من هذه المكايدات، وأخطر.
يجب أن يزداد الدعم لليمن في هذه اللحظات الحرجة، في المقام الأول من دول الخليج وفي مقدمها السعودية، ومن المجتمع الدولي كله.
دعم لا ينحصر في الشق الأمني، بل يأتي ضمن رؤية شاملة لاستعادة اليمن من كهوف «القاعدة» وشقوق الحوثيين إلى عالم الدنيا، وبعث اليمن السعيد من رماد الحزن والفوضى.