بعد طول انتظار تنفّس اليمنيون الصعداء بنجاح مؤتمر الحوار وبمخرجاته التي كانت عند المستوى المطلوب والمأمول، لأنها قد وضعت الرؤى والحلول والمعالجات لكثير من القضايا والأمور الحياتية.. كما أنها حققت جانباً كبيراً من التوافق الوطني حول الثوابت الوطنية وإن تباينت واختلفت بعض الرؤى حول ثوابت أخرى.
ذلك النجاح والمخرجات التي لا يقلل أحد من أهميتها.. فإن ما هو مطلوب ويستوجب على اليمنيين جميعاً الوقوف والثبات الجاد أمام تلك المخرجات وإحاطتها ببلورتها وتفعيلها في الواقع والعمل كلٌّ من موقعه على تهيئة الأجواء والأرضية المتاحة لترجمتها في مختلف جوانب حياتنا لا سيما وأنها تصب في إخراج الوطن من وضعه الراهن والانتقال به إلى ما هو أفضل حالاً والتخفيف من الأعباء والمعاناة التي عانى ولا زال يعاني منها اليمنيون على مدى الأعوام الأخيرة.. التي توقفت خلالها أنشطة وأداء العديد من الأجهزة والمرافق العامة.. وأصيب بعض من مرافق الدولة بالشلل التام وألحق الضرر الكبير بموارد الدولة.
إن الخلاصة التي خرج بها أعضاء مؤتمر الحوار بعد عشرة أشهر من الحوار والتوافق المطلوب لنجاحها تضع مصداقية المتحاورين وكل أبناء شعبنا والأجهزة والمنظمات والفعاليات الوطنية أمام المسئولية المشتركة في تمثّل تلك الخلاصات والنتائج وإتاحة المجال واسعاً أمام ما هدفت وأكدت على تحقيقه للمصلحة العامة خدمة لتطلعات كل أبناء الوطن لبناء اليمن الجديد.. اليمن الذي يستفيد كل أبنائه من ثروته ويشاركون في إدارة شئونه بما يضمن تحقيق مبدأ العدل والمساواة في الواجبات والحقوق.
إن أهم ما يجب أن يحرص عليه اليمنيون، سلطة ومعارضة، أحزاباً ومنظمات جماهيرية، ومجتمعاً مدنياً ومهنياً في هذه اللحظات والأيام التاريخية بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل هو السعي الجاد والعمل المتواصل لتعزيز وترسيخ الأمن والاستقرار في ربوع الوطن الحبيب. وهو الطرح الذي كنا نتناوله وندعو إلى تحقيقه طيلة فترة الأزمة التي تجاوزت الثلاثة الأعوام باعتبارهما المنفذ السليم لبناء اليمن الجديد.
الأمن والاستقرار يمثلان حجر الزاوية لاستئناف عجلة البناء والتنمية دورانها بعد أن تأثرت مرافق التنمية نتيجة تداعيات الاختلالات الأمنية.. والمطلوب لبلوغ ذلك إسهام كل الجهات ذات العلاقة في برامج توعوية مكثفة وفاعلة وإشراك الأسرة والمدرسة والجامعة والمساجد والإعلام.. إلخ.. لضمان نجاحها باعتبار نجاحنا في إعادة الأمن والاستقرار وتحقيق الوئام أولى الضمانات التي تساعدنا لترجمة مخرجات مؤتمر الحوار إلى واقع عملي. فهل ستعي ذلك.. تقول ذلك لأن ما لحق واقعنا قد أثر سلباً حتى على الثقافة الأمنية والمُثل الاجتماعية، والأخلاقية ولتجاوز الواقع المر لابد من جهود استثنائية تتجاوز ما هو معتاد علّنا بذلك نرسي ثقافة أمنية وإنسانية فقدت في واقعنا بفعل تجاوزات البعض لمنظومة القيم التي كانت تسود مجتمعنا اليمني العربي، المسلم. نتمنى من الله العون والتوفيق.