بين القول والفعل مساحة من الفراغ لا يملؤها إلا الاختبار العملي والفعل اليومي المستمر على محك التجربة .فإذا تعلق الأمر بالشأن العام والتواصل مع المجتمع والشريحة العريضة من الجماهير من خلال تبني دور وشخصية القيادة الجماهيرية وحشد الرأي العام تحت مشروع سياسي أو دعوة نضالية او ما شابه, فلا بد من اقتران الشعار بالتطبيق والقول بالفعل حتى لا يفقد الشخص المعني مصداقيته وينعكس الأمر سلبا عليه فتتآكل شعبيته وتفقد زخمها وحضورها الإيجابي في وعي الجماهير.في حين أنه قد لا يعي مقدار الخسارة التي يمنى بها على حين غفلة منه أو تغافل عن قضايا تتعلق بالثقة والمصداقية لدى الناس وفي تقدير الرأي العام.
لا بأس أن ينخرط الشيخ حميد الأحمر في أكثر من نشاط تجاري واستثماري ولا باس أيضا أن ينخرط في طموح سياسي ويوجد له مشروع سياسي من أي نوع وتحت أي عنوان .طالما ولديه الوقت والقدرة المالية والقاعدة الاجتماعية((القبيلة))- التي يستقوي بها ويستند عليها,زائدا القاعدة والإسناد الحزبي ((حزب الإصلاح)) في مواجهة الخصوم الحزبيين والسياسيين.
ومن المفهوم في هذه الحالة أن يرفع الرجل شعار التغيير والإصلاح ومحاربة الفساد والدفاع عن حقوق المواطنين و..و..و..الخ.حتى وإن كان كل هذا مجرد تكتيك سياسي وحشو تجميلي جرت عليه العادة عند كثيرين ممن يمارسون النشاط السياسي ويطلبون القيادة والصيت والتأثير في الرأي العام وفي مجرى الأحداث كـ((لاعب)) أساسي لا يقبل الجلوس في دكة الاحتياط..!!
قد يكون ذلك مفهوما بالنظر إلى حالة وتجربة الشيخ حميد الذي كشر من وقت مبكر عن طموحات حادة إلى مراكمة الثروة وتنويع مصادر الإثراء,وكان موقعه القبلي وقربه الموثوق من مراكز صناعة القرار في الدولة أفضل ضمانة لتحقيق طموحاته والتوسع فيها خلال فترة زمنية قصيرة لا يمكن لغيره أن يحقق في مثلها أقل القليل مما تيسر لحميد وتحقق له- بفضل الامتيازات التي ذكرنا بعضها قبل قليل .
ولكن الطموح عند حميد الأحمر تعدى الثروة والجاه والتجارة والمكانة القبلية والاجتماعية و ليكشر فيما بعد عن طموحات سياسية ورغبة عارمة في إضافة السلطة والقيادة السياسية إلى مكتسباته وألقابه الكثيرة. ولم يتردد في الوصول إلى غايته عبر لعب دور يناقض وضعيته وحالته الأولى كمقرب من الحكم وحليف له. فكانت أقصر الطرق إلى الظهور والبروز والشهرة هي أن يتجه فجأة إلى لعب دور المعارض والمنافس للنظام الحاكم وللرئيس شخصيا وهذا ما أثار حوله الجدل وجعله محل ملاحظة واهتمام الإعلام والمراقبين.
هذا كله معلوم ومفهوم بدرجة أو بأخرى.ولا أحد يجهل الخلفية التي أوصلته إلى ما هو فيه.
ولكن وهذا هو مربط الفرس كما يقال فإن غير المفهوم بالنسبة إلى حميد الأحمر تحديدا أن يدع الرجل مساحة واسعة وشاغرة بين الشعار السياسي والفعل التجاري ؟ وكيف لم يتنبه إلى مفاسد كبيرة قد تنشأ عن تناقض صارخ وصادم يتجسد بين الممارسة العملية واليومية لشركاته التجارية وبين دعوته السياسية وممارسته القيادية للنضال والدفاع عن الحقوق ومحاربة الفساد؟
من غير المعقول أن لا يلتفت الشيخ حميد إلى ما يحدث من عبث وتلاعب يصل إلى حد الفساد في بعض شركاته
بينما يتحدث هو كل يوم وفي كل مناسبة عن محاربة الفساد في الدولة والمؤسسات الحكومية!!
يجب أن يبدأ الشيخ حميد من الداخل,من الذات,من مؤسساته وشركاته. ولدينا مثال كبير وشهير ويتحدث عنه الناس كل يوم ويشكون منه باستمرار ولا يجدون استجابة من أحد أو تفهما من المدراء الذين تحولوا إلى غرماء للعملاء والزبائن!فهل من المعقول أن حميد لم يسمع بمشكلة باعة التجزئة مع شركة سبأفون وإدارتها التي تواطئت ضد الجميع لصالح عدد محدود من الوكلاء والسماسرة وسلمتهم حقوق وامتيازات احتكار خدمة كروت الدفع المسبق والتحكم بالسوق وباعة التجزئة والمستهلك!
كثرت الشكاوى من قبل المستهلكين وباعة التجزئة بل وحتى باعة الجملة, تتلخص هذه الشكاوي بقيام وكلاء شركة سبأ فون ببيع كروت الخدش بأرباح خيالية بالإضافة الى نهب العمولة المخصصة لجميع شرائح السوق من قبل الوكلاء والمقدرة بنسبة (5%) ، وذلك على مرأى ومسمع الشركة1
لأن المدير التجاري والإدارة التجارية لسبأفون غير معنيين بخدمة العملاء والجمهور ولا بسمعة ومصداقية الشركة وشفافيتها,مقابل العناية الفائقى بمجموعة ضيقة ومحدودة من الوكلاء سلمتهم حقوق بيع كروت الخدش للتجار والوكلاء المحليين والموزعين ونقاط البيع وباعة التجزئة وحتى المستهلك العادي!!وهؤلاء الوكلاء المحتكرون للخدمة راحوا يزايدون أرباحهم ويضيفونها على قيمة الكروت ويبيعونها للتجار والموزعين بأسعار تتجاوز السعر المحدد لها والمدون على بطاقات الخدش,فبأي قيمة وسعر ستصل بعد ذلك للمستهلك؟
أعجب العجب أن الأسعار المحددة في كروت الخدش( شاملة الضريبة والرسوم المحلية): فقط (103ريال لكرت سوبر توفير) و( 345ريال لكرت توفير ), بينما يقوم الوكيل ببيع نفس الكرت- سعر الجملة: بمبلغ (111ريال لكرت سوبر توفير) و( 345 ريال لكرت توفير )!! ويصل الى المستهلك بمبلغ (140 ريال لكرت سوبر توفير) و(400 ريال لكرت توفير ) بينما السعر المحدد في البطاقة هو(103)و(345)!!!
والأعجب والأغرب من كل ماسبق هو معرفة الإدارة التجارية بذلك وسكوتها عنه بل والتعامل الحصري مع المجموعة التي تحتكر الكروت وبيعها وكبح العرض ومنع فروع ومكاتب الشركة وحتى مركزها الرئيسي من البيع المباشر للتجار والموزعين بالجملة!هل هناك تواطؤ أظهر واغرب من هذا؟!
فلو قمت بزيارة احد فروع شركة سبأفون للشراء بالجملة ونقداً لن تحصل على شيئ مهما حاولت وكل ماتحصل عليه اعتذار جاف ومستفز من قبل الفروع بحجة \"محدودية الكمية\" .ولكن محدودية الكمية هذه لا تنطبق على الوكلاء المحتكرين الذين يحصلون على كل شيء وكل المعروض وكل ما يريدون.
ألا يعرف الشيخ حميد الأحمر بهذا؟ كيف يمكن أن يسكت عن تجاوزات ومظالم ومخالفات بهذا الحجم؟
وإذا كان هذا يحدث في واحدة من شركاته , والناس والتجار والعملاء والموزعون ضاقوا ذرعا وضجوا بالشكوى ولم يتركوا وسيلة للمراجعة والتظلم والمناشدة إلا وسلكوها دون فائدة,بينما الشيخ حميد يرفع برنامج كبير جدا لمحاربة الفساد في الدولة بأسرها؟
ألا يجب أن يبدأ من الداخل وينصف العملاء والمستخدمين والباعة الصغار ووكلاء التجزئة ويحفظ لهم فتات المنفعة وهامش الربح الذي يذهب ومعه زيادة مضاعفة في القيمة لمصلحة عدد محدود جدا من الوكلاء ومن وكلهم ومنحهم هذا الامتياز؟!
مفهوم طموح الشيخ حميد السياسي,كما أسلفنا. وغير مفهوم على الإطلاق كيف سنصدق ويصدق الناس شيئا مما يدعو ويردد ويقول؟إذا لم يبدأ أولا بما تحت يده ومسئوليته المباشرة؟!
الناس ياشيخ حميد لا يريدون نجار...بابه مكسور أو مخلوع بالمرة!!
وإنا لمنتظرون |