|
|
|
|
|
هل كان اشتراكياً أو رأسمالياً ؟!(1 2 )
بقلم/ صحافي/عبدالعزيز الهياجم
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً الأربعاء 09 فبراير-شباط 2011 08:20 م
حين نتحدث اليوم عن الدساتير والتشريعات وأسس ومنهاج إدارة الدولة والتوجه نحو الديمقراطية والشفافية أو حتى الجوانب الايجابية في التجربة الاشتراكية كأساس لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والقضاء على الفقر والبطالة , نرجع الفضل إلى النماذج الحديثة والمعاصرة وننسى العودة إلى نماذج إسلامية راسخة كما هو الحال بالنسبة للخليفة عمر بن عبدالعزيز.
في مثل هذا اليوم التاسع من فبراير من عام 720م كانت وفاة الخليفة (الثامن) عمر بن عبدالعزيز "بن مروان بن الحكم الأموي القرشي" (ولد عام 682م) أمه ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب المعروفة باسم (أم عاصم) وزوجته فاطمة بنت عمه عبد الملك بن مروان. تولى الخلافة من سليمان بن عبد الملك, اشتهر بالعدل, حتى وُصف بأنه خامس الخلفاء الراشدين تشبهاً بهم. ولد في المدينة المنورة سنة 61 هـ وفيها نشأ وتلقى العلم. ولاه الوليد بن عبد الملك سنة 96 هـ إمارة مكة والمدينة، ثم استوزره سليمان بن عبد الملك، وكان يلقب بالأشج, لأنه دخل وهو صغير إسطبل أبيه فضربته فرسٌ فشجته فكان يدعى (أشج بني أمية) كان له اهتمام بالعلم, وهو الذي أشار على الإمام الزهري بجمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. مدة خلافته سنتان ونصف. وفي عهده تم إسلام البربر وتعليمهم شريعة الإسلام, وأرسل أبا المهاجر دينار والياً على أفريقيا سنة 99 هـ ومعه عشرة من كبار الفقهاء لتبصير المغاربة بأصول الدين وتعليمهم اللغة العربية. عم اليسر والرخاء في زمانه حتى كان المسلم لا يجد مستحقا لزكاته.
في ربيع الأول من عام 87هـ ولاّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91 هـ وبذلك صار والياً على الحجاز كلها واشترط عمر لتوليه الإمارة ثلاثة شروط : الشرط الأول :أن يعمل في الناس بالحق والعدل ولا يظلم أحداً ولا يجوز على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال، ويترتب على ذلك أن يقل ما يرفع للخليفة من الأموال من المدينة.. من أبرز الأعمال التي قام بها في المدينة وهو عمل مجلس الشورى يتكون من عشرة من فقهاء المدينة.
أن يضع عمر بن عبدالعزيز اشتراطات لتولي إمارة المدينة المنورة ثم لاحقا إقليم الحجاز كاملا فمعنى ذلك أنه كان قد ترك موقعه ضمن بلاط العائلة الحاكمة التي تبحث عن امتيازات ونفوذ واختار الوقوف في صف الجماهير ومع مطالبها المشروعة في إحداث إصلاحات حقيقية وتصحيح الاختلالات في نظام الحكم الأموي ..كما أن مضمون تلك الاشتراطات تدل على أنه أول من نادى بحكم محلي واسع أو كامل الصلاحيات واعتماد الفصل بين السلطات بحيث إن شرطه للعمل بين الناس بالحق والعدل وعدم الظلم هو تحقيق استقلالية السلطة القضائية وإيجاد قضاء قوي ونزيه لا تؤثر عليه السياسات أو تدخلات رموز السلطة التنفيذية.
كما أن اشتراطه بأنه لا يجوز لأحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال, كان بمثابة برنامج إصلاح مالي وضع آلية تحصيل ضريبي فاعلة تمكن من ضخ كل الموارد في بيت المال أو الخزينة العامة وبحيث يمكن إطلاق مصطلح " دافعي الضرائب " على مجتمع المدينة المنورة ..كما هو اليوم حال المجتمعات الأمريكية والأوروبية المعاصرة التي تشعر بأن ما تدفعه ينعكس على مشاريع خدمية وتنموية ملموسة.
كما أن اشتراط عمر بأن يترتب على ذلك أن يقل ما يرفع للخليفة من أموال المدينة ..هو جوهر التنمية في إطار السلطة المحلية أو الحكم المحلي والقائم على أن ما يحصل من إيرادات يقسم بنسب معينة بين ما يتم التصرف به في إطار محلي وما يرفع للدولة المركزية.
وعندما يذكر التاريخ أن أبرز الأعمال التي قام بها عمر بن عبدالعزيز في المدينة هو عمل مجلس شورى يتكون من عشرة فقهاء فذلك يعني أن عمر جعل من المدينة المنورة ولاية تتمتع بحكومة وبرلمان وقوانين محلية تضعها كنموذج عريق سبق نموذج الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من النماذج الأوروبية ..ولم يكن ذلك الحكم المحلي شكلا من إشكال الانفصال عن الدولة الإسلامية المركزية التي تدار من دمشق. |
|
|
|
|
|
|
|