|
|
|
|
|
الوحدة هي الحياة
بقلم/ صحيفة الثورة
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 13 يوماً الخميس 18 فبراير-شباط 2010 07:13 م
عندما رفع اليمنيون شعار "الوحدة أو الموت" عام 1994م في مواجهة المحاولة الانفصالية البائسة التي أرادت من خلالها بعض العناصر المأجورة والعميلة والخائنة إعادة اليمن إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م تحركها عمالتها ونزعتها التسلطية والشمولية وعقلياتها المريضة المتعطشة للدماء والتصفيات ودورات العنف التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، علماء وسياسيين، مثقفين وكتاب، مفكرين وأدباء، عسكريين ومدنيين، فإن جميع أبناء هذا الوطن الذين التفوا تحت ذلك الشعار في ملحمة الدفاع عن وحدتهم وإسقاط المؤامرة الانفصالية وإفشال مخططاتها، قد برهنوا بالدليل القاطع على أنهم حينما رفعوا شعار "الوحدة أو الموت"، لم يكن ذلك لمجرد التنفيس عن المشاعر الجياشة التي يكنونها لإنجازهم الوحدوي أو للتعبير فقط عن ثقافتهم الوحدوية، بل أنهم بالفعل كانوا يقصدون كل أبعاد ودلالات ذلك الشعار الذي تجسد في مضمونه العام أن الوحدة هي الحياة ودونها يغدو الموت أهون.. وهو ما تأكد على أرض الواقع في تلك الملحمة العظيمة التي عمدت الوحدة بأنهر من الدماء الزكية لينتصر الشعب اليمني لإرادته ومبادئ ثورته التي كانت إعادة وحدة الوطن في صدارة أهدافها التي ناضل من أجلها هذا الشعب ردحاً طويلاً من الزمن وقدم في سبيلها قوافل الشهداء من خيرة أبنائه البررة، ولم يجن أولئك المتآمرون والانفصاليون المرتزقة سوى الخيبة والذل والعار واللعنات التي ستظل تطاردهم في حياتهم وفي قبورهم.
ومن معاني تلك الملحمة العظيمة التي انصهر فيها كل اليمنيين تحت شعار "الوحدة أو الموت" من المهرة شرقاً حتى ميدي غرباً، تبرز تجليات ذلك الشعار ومقاصده التي تعكس تماماً أن الوحدة راسخة في وجدان وضمير كل اليمنيين جيلاً بعد جيل لكونهم الذين يستمدون من هذه الوحدة مقومات بقائهم ومصادر هويتهم وتاريخهم وحضارتهم وزخم وعنفوان تطورهم وتقدمهم وقوتهم ووجودهم في عالم اليوم المشحون بالتحديات والهزات والأزمات والمتغيرات العاصفة التي لا مجال لمواجهتها إلا بالوحدة وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية وتعميق روح الوئام الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد.
وبالوقوف على تلك الحقائق يصبح من الواضح أن الوحدة وجدت لتبقى ما بقيت الحياة، وأن الشعب اليمني الذي أسقط رهانات القوى المعادية التي ناصبت الثورة اليمنية العداء وتآمرت على النظام الجمهوري وسعت إلى إعادة اليمن إلى مربع ما قبل عام 1962م رافعاً شعار "الجمهورية أو الموت"، هو نفسه الذي ستتحطم على صخرته كل المحاولات الرامية للنيل من وحدته وأمنه واستقراره ومنجزاته ومكاسبه.
وعلى أولئك الذين يحرثون في البحر ويسيرون عكس التيار من دعاة الارتداد والانفصال والتخلف، أن يدركوا أن جيل الثورة والوحدة ووطن الثاني والعشرين من مايو الذي يردد اليوم شعار "الوحدة أو الموت" يعني ما يقول، وأن هذا الجيل الذي يهتدي بسيرة آبائه المناضلين الذين صنعوا فجر الثورة اليمنية "سبتمبر واكتوبر" وقدموا أسمى معاني البذل والتضحية انتصاراًَ لتطلعات شعبهم في التحرر والانعتاق والاستقلال، هم اليوم أكثر تحفزاً واستعداداً لتلقين كل الأصوات النشاز التي تتطاول على وحدتهم وتسعى لإلحاق الأذى بوطنهم، الدروس التي تعيد أولئك الواهمين إلى جادة الحق والصواب.. وهذا الجيل المسلح بالوعي والفقه الوطني سيبصق بوجه كل من يحلم أو يتوهم أن بوسعه إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.. وعلى هؤلاء الواهمين أن يعلموا أن التاريخ لا يعود إلى الخلف وأن العناصر المحنطة وحدها هي من يمر عليها الزمن فيما تظل غارقة في جهالتها وتفكيرها العقيم وأحلامها البائسة، تعيد إنتاج أخطائها وإخفاقاتها وسلبياتها ومنطقها الذي عفا عليه الزمن، ولا أمل في أن تصحو الضمائر الميتة لهذه العناصر بعد أن تجمدت لديها كل الحواس وصارت أشبه بأعجاز نخل خاوية.. وما أحوج هؤلاء المرضى لأن يعوا ويعقلوا ويفهموا أن الوحدة اليمنية وجدت لتبقى وهي نبراس ومنارة يفخر بها كل يمني، وكل عربي وكل مسلم، وكل حر على وجه الأرض، لكونها مصدر القوة والعزة والسلام لا يزيغ عنها إلا هالك أو ضال أو منحرف أو خائن أو مرتزق باعتبارها ضرورة كونية ومظهراً من مظاهر كل الكائنات الحية ومبدأ إسلامياً ووطنياً وإنسانياً أكد عليها المولى سبحانه وتعالى، ومن يدعو إلى غير ذلك إنما هو شاذ عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها وليس بعد هذا الضلال إلا الخسران.
|
|
|
|
|
|
|
|