قِبل الشارع اليمني بالشراكة ،كما قبل بالتقاسم بين من تشاركوا وبين من تحالفوا.. لظروف معينة وذلك لتجاوز منعطف معين ولفترة زمنية محددة على أن يعمل الطرفان بقيادة وإشراف من يرأس وفاقهما لبلوغ المرام وتجاوز المنعطف وفقاً لما هو محدد زمنياً، وليس هناك مايمنع القيادة المشرفة من الرقابة الجادة والتقويم الموضوعي لسير أعمال التوافق الذي سلمت له شئون الدولة والمجتمع ،وأن تحدث التغييرات التي تراها لمصلحة البلاد عموماً مادامت ترى في ذلك تحقيقاً لما اتفق عليه أو تم التوافق من أجله ،وحرصاً على الإنجاز في الفترة الزمنية المحددة حتى تخرج البلاد إلى ساحة البناء والتنمية والتنافس الخلاق عبر ديمقراطية صندوق الاقتراع والبرامج والقبول بالآخر وكفالة تساوي الحقوق والواجبات.
لاضير في ذلك مادام الدافع هو الحرص على جلب مصلحة ودرء مفسدة، إلا أن التجربة التي نمر بها علمتنا أشياء كثيرة من أهمها أن ليس هناك مايمنع شراكة التوافق لطرفين سياسيين لانقول عنهما أعداء بل طرفان متنافسان ينفذان مهمة محددة تحت قيادة مسئولة عن تقويم أي اعوجاج، على أن تكون شراكة التقاسم محصورة على المراكز القيادية العليا كمقاعد الحكومة أو الحقائب الوزارية ونيابة رئيس وزرائها..أما القيادات في المواقع الوسطية كالمحافظين ورؤساء المؤسسات وإدارات الأمن ومراكزها، كونها أكثر احتكاكاً بالناس وملتصقة التصاقاً مباشراً بشئونهم وقضاياهم وتعاملاتهم، فمن المصلحة أن يكونوا من المستقلين الذين لايتسبب تعصبهم الحزبي أو ميلهم إلى طرف أو مكون سياسي أو عدم ارتياحهم لأي تيار أو جماعة في تعقيد الأمور وإثارة مشاكل وتأزيم أوضاع أو القيام بأي إقصاءات تولِّد مشاعر الغبن والقهر وردود الفعل ، نقول هذا بحكم أن التحزب محرم على القضاة والقادة العسكريين بحكم القانون.
هذا ما نرى أهميته في فترة تشاركية انتقالية مهمتها أن تهيئ لما بعدها وأن تقود البلاد ونظامها السياسي إلى الاستقرار القائم على الديمقراطية الحقة والحقوق والحريات المتعارف عليها.. أما بالنسبة لمن يشغلون الوظائف والأعمال الفنية والإدارات والأقسام وما شابهها، فليس هناك مايحتم أن يكونوا من المستقلين حزبياً، وليس هناك أيضاً مايبرر النظر إليهم كبقايا نظام أو معرقلين أو غير ذلك من التهم والصفات التي نسمعها وتلصق بالكثيرين.. لا حرج أن تكون لهم انتماءاتهم الحزبية في بلد تعددي، حتى لايتحول الأمر إلى إقصاء جماعي هدام ومجافٍ لأبسط الحقوق، وتصرف أهوج وغير مقبول شأنه شأن الدعوة السخيفة التي تظهر من حين إلى آخر مطالبة بالتقاسم والشراكة في تلك الوظائف الصغيرة بدافع الحصول على مواقع وظيفية وإن بإقصاء جماعي هدام. من حق من يشغلون تلك المواقع الفنية والإدارية غير القيادية أن يظلوا في مواقعهم وإن كانوا متحزبين أو ذوي ميول فكرية ماداموا لايوظفونها لأغراض ودوافع حزبية ويخضعون لرقابة مباشرة من قيادات مستقلة أو نرى أن تكون مستقلة كما سبقت الإشارة.. ومادام التوجه العام للدولة يقوم على تحريم إقحام النوايا الحزبية وتعصباتها في شئون الدولة.. إنه ومع وجود الرقابة البرلمانية والصحافية أو الإعلامية المحكومة بقانون حرية التعبير والنقد البناء ومع وجود رقابة قيادات وسطية مستقلة ورقابة عليا تقيم أعمال الحكومة ووزراءها المنتمين لأطراف أو لطرفي التوافق والشراكة ، نستطيع الامساك بخيط الأمل المبشر بتجاوز المرحلة ،وتحقيق الأهداف المرسومة وإنجازها في الفترة الزمنية المحددة، وتنفيذ ماهو مزمّن في نتائج ومخرجات الحوار الوطني وما تم التوافق على أساسه..
أعرف أن هناك من أهل الشأن والخبرة من يعرف أكثر مما نعرف ويرى مالانراه لنتجاوز مرحلة يصفها الجميع بالصعبة بل والخطيرة ،ومع ذلك لانجد حرجاً في الاسهام بما نرى فيه مقترحات دافعها التعبير عن حرص والمخاوف من تداعيات لانرضاها لوطننا ولأجياله ،بل نخاف أن نكتوي بها نحن، أكثر ما تلسعنا به نيرانها في كثير مما نشكوه اليوم.. وجميعنا بلا استثناء يعلم علم اليقين أن اليمن يمر بأخطر منعطف في تاريخه، وأن العقل وحده من يجب أن يتحكم في الأمور ومستجداتها وأن شـروده ـ وإن للحظات ـ أمام قرار يتخذ ما أشبهه بشرود قائد لطائرة مقاتلة بسرعة تفوق سرعة الصوت وإن لثوانٍ معدودة، فما نشاهده هنا وهناك من وميض نار فإن الحكمة وحدها هي الأقدر على إطفائه.
شيء من الشعر
صنعاء يابيت الفنون جميعها
والحسن يكسو عرضها والطولا
مالي أرى الشنئان في أحيائها
يسري ويشعل للدمار فتيلا
وموشحات الحب في أسمارها
صمتت لنسمع للحروب طبولا
ومآذن التسبيح في أسحارها
أضحت نوائح من يساق قتيلا