هل سيصحو أولئك الذين خرجوا عام 2011 ليزرعوا الحقد والكراهية بين أبناء الشعب اليمني وتقسيمه إلى ثوار وبلاطجة؟، أم أنهم سيستمرون يؤدون الدور المطلوب منهم، خاصة بعد أن سقطت الأقنعة وانكشف المستور وباتت كل خطوط المؤامرة وخيوطها الرامية إلى صنع الخراب و الفوضى وتمزيق اليمن وإثارة الصراعات المناطقية والمذهبية.
و لست بحاجة إلى لفت النظر إلى أولئك الذين مازالوا يمارسون حقدهم ضد الوطن والمواطن تحت شعارات وهمية بعد أن دمروا أحلام التنمية والأمن والاستقرار والاستثمار والتوظيف ورغبات التقدم تحت علم الوحدة لقد استبدلوا كل ذلك ليحلّوا محله القتل والاختطاف والتفجيرات تحت رايات مزيفة للجهاد ونصرة الشرعية ونصرة الله، لقد أصبح لله أنصار وللشريعة أنصار ولبيت المقدس أنصار. مع العلم أن الله ليس بحاجة لمن ينصره وكذلك الشريعة وبيت المقدس ،الله يحتاج لمن يبني ويعمّر الأرض وليس من يقتل ويدمر ويخرّب ويسعى في الأرض فساداً والشريعة تحتاج لمن يمتلك أخلاقاً وقيم ويتحلّى بالصدق وينبذ العنف والحقد والكراهية، أما بيت المقدس فيحتاج إلى من يحافظ على سلامة وطنه وشعبه وليس إلى من يدمر وطنه ويقتل أبناء شعبه ثم يزعم أنه سيحرر القدس. لقد أصبحت الكلمة العليا في ليبيا للمليشيات والفصائل التي تخاصم فكرة الدولة وتدمر خزانات النفط لتحرقه في الهواء فهل ما هو قائم أفضل من عهد القذافي الذي وُصف بالحاكم المستبد؟ وفي اليمن تقاسمت الأحزاب مصالح الناس وصادرت إرادتهم وأحرمتهم من أبسط حقوقهم المعيشية فأين الثوار الذين خرجوا من أجل التغيير؟ ألا تؤنّبهم ضمائرهم أم أن ضمائرهم ماتت؟ وكيف ستصحو ضمائر من تدرّبوا في صربيا وأنقرة؟ لقد خرجوا ليس من أجل الديمقراطية والتغيير وإنما بهدف نشر جرثومة الفوضى التي يسمونها “الفوضى الخلاقة”.
نحن أمام سؤال ضروري ومهم وهو: أين الشباب الباحث عن مستقبله ومستقبل وطنه من تحديات ما بعد انكشاف زيف الأحزاب السياسية، فنحن نشاهد كل يوم استمراراً للأزمات الاقتصادية والاجتماعية ويزداد الانفلات الأمني اتساعاً وتتعاظم الخلافات والصراعات بين القوى السياسية إلى حد التناحر وبما يؤدي إلى سقوط هيبة الدولة.
هذا السؤال لا يمكن لأحد أن يتعلل بأنه غير مطالب بالإجابة عليه لأنه سؤال يتعلق بقدر ومصير ومستقبل هذا الوطن الذي تعرض لنكبة الثأرات بين القوى السياسية التي تقاسمت السلطة منذ فترة بعيدة وبدأ الخطر يمس مقومات الحياة والوجود ووحدة التراب والمجتمع وبدأ يصل إلى استلاب حق الشعب التاريخي في أرضه وموارده الطبيعية.
أتحدث عن أهمية أن يُسارع الشباب اليمني من مختلف الأحزاب والقوى السياسية لصياغة جدول أولويات المواجهة لهذه التحديات والتي ينبغي التعامل معها دفعة واحدة لأنه أصبح من المستحيل تأجيل المواجهة لأن القادم سيكون زلزالاً مدمراً يحتاج إلى بذل كل جهد وفي أسرع وقت ممكن لإنقاذ أكبر قدر من الضحايا والشروع في إعادة البناء.
وفي الأخير علينا أن نسلّم أن حكومة الوفاق هي حكومة تقاسم أحزاب لمصالحها أكلت الأخضر واليابس في اقتصاد اليمن وسلامها الداخلي.
لقد عجزت الحكومة عن الوفاء بالأحلام والوعود التي تقدّمت بها إلى مجلس النواب لتبادل الثقة بموجبها لقد أصيب الموطن اليمني بانتكاسة نفسية واجتماعية زادت من وطأة الإحساس بالمشكلة في بُعدها الاقتصادي.
والمخرج الحقيقي لهذا الوطن يكمن في حوار حقيقي صادق وشفاف وخالٍ من المزايدات يجري بين الشباب من مختلف الأحزاب والقوى السياسية تحت عنوان:«تنظيم العلاقة بين التنمية والاستقرار» حتى يخرج الشباب من الغباء الذهني والخواء الفكري اللذين أصابا قطاعاً واسعاً من الشباب بسبب مصادرة عقولهم وجعل الآخرين يفكرون نيابة عنهم وحينما يتحكّم الغباء بالشباب فإن مصير الوطن يكون مجهولاً.