|
|
|
|
|
علماء وخطباء السياسة لا الدين
بقلم/ نجلاء البعداني
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 27 يوماً السبت 24 إبريل-نيسان 2010 05:57 م
لأنهم دعاة سياسة وليسوا دعاة دين فإن كل مايقولونه في المنابر والصحف والندوات وغيرها يخدم توجهاتهم السياسية ومصالحهم الحزبية والشخصية أكثر مما يخدم الدين الذي يتذرعون به والمجتمع الذي يعيشون فيه.
ولهذا فلا عجب أبداً أن يسخّر الدين ويستغل لخدمة السياسة وتحقيق أهدافها ومصالح المشتغلين بها.. فنرى العلماء يرتدون ثوب السياسي ونرى السياسيين يرتدون ثوب العلماء، تبادل أدوار ومنافع أساسها المصالح المتبادلة.. فتتحول المساجد من دور عبادة وهداية وتوجيه وارشاد ونصح إلى منابر للمهاترات وشنّ الحملات والتشهير بالخصوم السياسيين ومقرات للاستقطاب السياسي ودعم توجهات الأحزاب فيحيد المسجد عن دوره الريادي في أوساط المجتمع ويفقد حياديته.
لاخلاف أبداً أن دور المسجد الارشادي والتوجيهي والتنويري له مكانته في المجتمع.. كثير من القضايا المجتمعية بحاجة إلى وقفة جادة ومصداقية .. فإذا أردنا أن نعطي المسجد دوره الحقيقي داخل المجتمع، علينا أن نحرره أولاً من تبعيته الحزبية ونخلصه من أدران السياسة حتى حين يناقش قضية اجتماعية يجب أن تحركه دوافعه الدينية ومسئولياته تجاه مجتمعه ووطنه ودينه ولاتحركه دوافع سياسية ومسئوليات حزبية.
حينها يكون كل مايصدر من المسجد بمثابة التوجيهات والأوامر التي يسمعها الجميع بكل حواسهم ويلتزمون بها دون أي تقصير .. وعلى الخطيب أن يناقش قضايا مجتمعه ويتناول همومه ومعاناته وينتقد ما به من سلبيات وظواهر غير ايجابية بكل صدق وصراحة فهو في موضع يحتم عليه أن يتجرد من كل الالتزامات عدا التزامه لدينه ووطنه فيكون صادقاً مع نفسه مخلصاً لدينه عاملاً بقيمه واخلاقياته لايخشى في قول الحق لومه لائم وما أكثر القضايا الاجتماعية التي هي أهم بكثير من مشروع قانون تحديد سن الزواج الذي بسببه قامت الدنيا ولم تقعد وتحول من قانون يهدف إلى حماية المرأة (البنت الصغيرة) ويراعي بعض حقوقها حتى لاتصبح فريسة سهلة يغتالها كل طالب شهوة ومتعة إلى خلاف سياسي وبرنامج انتخابي لحزب الإصلاح الذي يري أن اسقاط القانون واجب ومن أهم أهدافه في هذه المرحلة ومعركته المصيرية التي لابد أن يخرج منها منتصراً وعلى أجساد مئات الفتيات الصغيرات ومن أجل ذلك حشد كل الطاقات والإمكانيات لوأد هذا القانون.
مؤتمرات صحفية لقاءات وندوات صحف وكتابات ومسيرات نسائية وفتاوى واشرطة كاسيت لعلماء دين وخطباء مساجد كل هذا من أجل الابقاء على مشروعية زواج الصغيرات .
هذه الرغبة الجامحة تجعلنا نضع ألف علامة استفهام ولا أظنه انجازاً سياسياً سيقدمه حزب التجمع اليمني للإصلاح لجموع الناخبين في الفترة القادمة.. والغريب أن هناك قضايا اجتماعية أخطر ألف مرة من قانون تحديد الزواج والذي وإن تم إقراره سيكون مصيره مثل عشرات القوانين المهملة والمعطلة وغير المعمول بها .
هناك قضايا بحاجة لوقفة جادة للحد منها ودفع خطرها المدمر على المجتمع.. مثل الثأر والمخدرات وانتشار السلاح وتهريب الأطفال وخطف السياح والإرهاب والفساد.. وغير ذلك من القضايا التي يعاني منها المجتمع اليمني ومع ذلك لم يحرك حزب الإصلاح ساكناً ولم يجند منابره ووسائله الإعلامية وبهذه القوة التي تحرك بها لإسقاط مشروع قانون تحديد سن الزواج.
إمام وخطيب جامع وقيادي حزبي كبير في تعز كان شاهد عيان على جريمة قتل راح ضحيتها إنسان بريء ولايزال القاتل حراً طليقاً أو كما تقول الجهات الأمنية إنها تتعقبه، والعديد من الجرائم التي هزّت تعز ولازالت اصداؤها وتداعياتها حتى الآن لم تحرك مشاعر هذا الخطيب ولم توفر في صدره نيران الغيرة والخوف على المجتمع الذي يعاني الأمرين جراء الانفلات الأمني وجهل المجتمع وانتشار العديد من الظواهر المدمرة بقدر ما استفزه وحرك مشاعره واشعل النار في صدره مشروع تحديد سن الزواج تسخر خطبته أو بالأصح خطبه للحديث عن هذا القانون العلماني المخالف للشرع والدين.. وما يترتب عليه من أضرار جسيمة على المجتمع فهو من وجهة نظره مشروع غربي يستهدف المساس بالدين الإسلامي واصفاً المؤيدين له بأنهم ينساقون خلف دعوات الغرب الصليبي وينفذون رغبات النصارى وعلى مسامع المصلين من الرجال والنساء وأخذ يعدد مزايا زواج البنت في سن مبكرة وكلما اسرع ولي أمرها بتزويجها كان خيراً لها وله وللمجتمع والأمة الإسلامية وإن حاول بعد ذلك القول متى مابلغت سن النضوج واصبحت ملائمة.. طبعاً النضوج والملاءمة من وجهة نظر الرجل الغريزية كما لم ينس أن يذكرهم بالمثل الشعبي القديم (زوج بنت الثمان وعليَ الضمان) فهل هذا هو دور العلماء ورجال الدين وقادة الرأي وهل هذه هي البرامج السياسية للأحزاب السياسية.. وهل هذه هي القضايا التي يجب أن يثيرونها؟ وحقاً انهم يمسكون الخيط ويتركون الجمل.
|
|
|
|
|
|
|
|