- كلما توقف الحوار ـ هذه الأيام ـ توقفت قلوب اليمنيين لأنهم يدركون أنه لا سبيل ولا مخرج غير الحوار, الحوار الجاد والمسؤول الذي يريحهم من هذا القلق والضناء والتد . حسين العواضي -
كلما توقف الحوار ـ هذه الأيام ـ توقفت قلوب اليمنيين لأنهم يدركون أنه لا سبيل ولا مخرج غير الحوار, الحوار الجاد والمسؤول الذي يريحهم من هذا القلق والضناء والترقب والعناء.
هناك من لا يعقل ولا يعي أن الحوار الآن أجدى وأنقى من حوار ما بعد الدم والندم.
يعرف القاصي والداني أن للفشل في الحوار تكلفة باهظة, وأن انفراد طرف دون سواه بإدارة البلاد أمر عسير وقرار خطير على الحاكم والمحكوم.
الآن نعترف أننا كنا نسمي حوار الموفمبيك ترفاً, غير أنه الآن في هذه اللحظة الفارقة صار ضرورة, والخيارات دونه عقيمة ومحدودة.
والمهم صدق النوايا, فالحوار تقارب وتنازل, أخذ وعطاء, يفقد قيمته حين يخضع لمواقف مسبقة وعواطف ملحقة.
والروح الوطنية التي يدّعي الجميع التحلي بها ويتغنى بها كل طرف, تستدعي كرم الإيثار وسمو التضحية, ومن يتنازل لأهله ووطنه يكبر ويسود.
والخبر السار أن للحوار مرجعيات نظرية جاهزة, مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة, فقط تحتاج إلى ترجمة وطنية صادقة بلا تعديل أو تأويل.
ولم يفت ما يستحق القلق والحنق, وبالبصر والعقل يمكن للقضايا العالقة والشائكة أن تفكك وتحل دون أن تتمترس بعض الأطراف خلف الصلف والعناد فتذهب البلاد والعباد نحو الفتنة والصراع.
حينها سنبحث في ملفاتنا عن وثائق لم نعرها قدرها ومواثيق لم نحترمها, وخلافات صغيرة لم نتجاوزها, نعض أصابع الحسرة والندم, نتحاور بالبندقية والدم.
والذين لا يعقلون ولا يعتبرون عليهم أن يفيقوا ليدركوا هول المحنة وخطر المرحلة.
صرنا مسخرة في نشرات العالم, طوابير حاقدة من المتشفّين والمهللين ولا أحد يدعو لليمن وأهله بالسداد والفلاح والوئام والنجاح غير خطيب جامع زبيد, الذي لا يسمعه سوى عشرة من المصلين المستعجلين.
حتى عمر البشير الذي مزق السودان وشتت شملها ولم يصغِ لنصيحة راشد الغنوشي حين قال له أن تحافظ على وحدة السودان خير من أن تحافظ على الشريعة, يصرخ في تلفزيونه : اليمن ضاعت يا رجاله؟
شوف العباطة, أن هذا الزعيم آخر من يحق له أن يفتي عن ضياع الأوطان, ألم يضيع بلداً عزيزاً كان اسمه السودان.
لا يزال للحوار مسار, وللشراكة مجال, والمجالس التي ستدير البلاد لم تشكل بعد, وعسى أن تأتي بأسماء شجاعة, نظيفة ومهيبة لا طائعة وضعيفة.
المرحلة القريبة الماضية لم يفتقدها أحد, والمرحلة الحاضرة الواعدة تتشكل معالمها وعناوينها, وعسى أن يكون فيها الفرج والسداد وخير البلاد والعباد.
واللهم يا عظيم يا منّان, احفظ اليمن والسودان, وبدلنا بالعجزة والمزايدين والمتشفّين والانفصاليين خيراً منهم, يا أرحم الراحمين.شس