ما الذي يدفع اي مجموعة الى ممارسة الارهاب؟، ولماذا تلجأ الى التفخيخ والعمليات الانتحارية ومختلف أنواع العمليات الارهابية؟.
الارهاب من وجهة نظري هو استهداف المدنيين أو المنشأت المدنية عن عمد اثناء اي صراع، وهنا قد يكون الارهابي شخص أو جماعة أو نظام يحكم دولة أو تحالف من عدة دول.
يلجأ الأفراد والمجموعات الى الارهاب عندما يشعرون أن ميزان القوة العسكري مختلا مع الطرف الآخر، بحيث يعجزوا عن مواجهته بشكل مباشر، وبدلا من استهداف منشآته العسكرية وثكناته يجدون الأهداف المدنية والمدنيين اسهل لضربها بحكم عدم وجود احتياطات أمنية حولها، ووفقا لهذا فانه لا فرق بين القاعدة وبين حركة حماس او كتائب الاقصى او الجهاد الاسلامي، فالمدني مدني، مسلم أو يهودي أو حتى أسرائيلي.
المعايير المزدوجة في تعريف الارهاب هي ما يساعد على استمراره، فمتى ما كان الارهاب يضرب الخصم وقف معه البعض وبرر له، دون ان يشعر انه يبرر لوباء سرعان ما سيصل اليه.
كما ان بعض المجموعات تمارس الارهاب مع ان ميزان القوة العسكري يسمح لها بخوض مواجهات مباشرة مع خصومها المحليين، لكنها تستخدم الارهاب كوسيلة للحسم السريع وتقليل الكلفة التي تدفعها وارهاب الخصم ليستسلم سريعا، وتأتي داعش العراق وسوريا على رأس تلك المجموعات.
واذا ما اسقطنا تلك المفاهيم على الحرب في اليمن وقيمنا قصف التحالف الذي تقوده السعودية للمدنيين والمنشآت المدنية في اليمن فاننا أمام تطور ملحوظ في الارهاب، حيث اننا أمام دول تملك جيوش جراره ومرتزقة من جيوش دول أخرى ومع ذلك تتعمد استهداف المدنيين والمنشآت المدنية بهدف اخضاع الخصم واجباره على الاستسلام دون حتى خوض مواجهات عسكرية برية مباشرة معه.
يكمن التطور في أن ميزان القوة العسكري مختل تماما لصالح تلك الدول ومع ذلك هي من يستهدف المدنيين ويتجنب المواجهات المباشرة.
خلال ستة أشهر من الحرب التي يقودها التحالف في اليمن وآلاف الغارات الجوية التي وجه جلها ضد مدنيين وأهداف مدنية لم يقتل قائد عسكري او سياسي حوثي واحد من الاسماء المعروفة، ولم يتم العثور على أية اسلحة في اي منشئة مدنية تم استهدافها، فبعد القصف مباشرة يهرع المواطنون الى المكان المستهدف وأغلبهم يحملون هواتفهم ويصورون المكان، ولم نجد حتى اللحظة صورة واحدة لمنزل او منشأة مدنية تم استهدافها وفيها اسلحة مختلطة بآثار الدمار، مما قد يعطي بعض المشروعية لتلك العمليات او بعضها على الاقل.
لا أدري بأي عقلية يفكر التحالف؟، ولماذا هذا الامعان في قتل المدنيين اليمنيين وفي تدمير المنشآت المدنية؟، وما هو الهدف من وراء ذلك؟، ولماذا لا يلجأون الى المعركة البرية ـ اذا كانوا مقتنعين بضرورة وشرعية حربهم ـ لحسم المعركة بدلا من هذا العبث؟.
باعتقادي أن التحالف مع ضخامة امكاناته العسكرية وجحافله من الجنود ومرتزقة بعض جيوش العالم عاجز عن المواجهات البرية مع الحوثيين، أو أنه غير قادر على تحمل كلفتها، لذلك يمارس قتل المدنيين وتدمير المنشآت المدنية ومؤسسات الدولة بما فيها الأمنية منها والتي لا علاقة لافرادها بالعمليات الحربية بهدف اسقاط ما تبقى من دولة في اليمن، لا لشيئ الا لأن الحوثيين هم من يسيطر على سلطة الدولة في تلك المناطق.
ارهاب العاصفة يريد خلق حالة من الفراغ والخوف والارهاب والفوضى تعجز معها سلطة الحوثيين الانقلابية عن الاستمرار، فتدخل المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة الجماعة في نفق الفوضى التامة، ويدفع بالمجتمع الى حرب اهلية في تلك المناطق ليحقق التحالف اهدافه ويسقط سلطة الحوثيين دون ان يدفع كلفة بشرية من جنوده.
ذلك السيناريو شيطاني وكارثي على اليمن، ولا يتسق ابدا مع الاهداف المعلنة للتحالف، وهو على كل حال ليس حتى في صالح تلك الدول، لأنهم سيكتوون كذلك من أي فراغ او انهيار تام لسلطة الدولة ـ التي يسيطر عليها الحوثيون ـ في تلك المناطق، كما اكتوت تركيا من الفراغ الذي احدثته في شمال سوريا، وتتمنى اليوم عودة النظام السوري الى تلك المناطق وان كانت على خلاف شديد معه، فوجود نظام معادي مجاور لك أفضل بكثير من أن يكون جيرانك مجموعات مسلحة متطرفة متعددة المشاريع والقيادة والأهداف، ولا افق سياسي لهم يمكن معه خوض اية تسويات.
تتزامن عمليات التحالف ضد المدنيين اليمنيين مع عمليات القاعدة ضد نفس المدنيين، ففي يوم عيد الأضحى فخخت القاعدة مساجد في صنعاء فيما دمرت العاصفة منازل عده وقتلت من فيها من نساء وأطفال ورجال، والأدهى من كل ذلك أن وسائل اعلام العاصفة وفي كثير من الأحيان تنسب العمليات الانتحارية أو التفخيخية الى ما اطلقوا عليه "مقاومة آزال"، وهنا يأتي اعتراف تلك الدول بتبنيها لتلك العمليات او على الاقل تأييدها لها، تلك العمليات تتبناها القاعدة غالبا، وهنا تضع دول التحالف ايديها وبدون أي خجل في ايدي تلك المنظمات الارهابية وتتكامل أدورهم حتى كأنهم وجهين لعملة واحدة.
وبعملية احصائية بسيطة يظهر لنا أن من قتلتهم القاعدة من المدنيين والمنشآت المدنية التي استهدفتها قليل جدا مقارنة بما قتله ودمره التحالف، لكن التحالف يملك مكينة اعلامية هائلة واموال طائلة تمكنه من اخفاء وتبرير ارهابه، لكنها لن تمكنه من الافلات من العقاب، وبالأخص مع وجود منظمات دولية وحقوقية ترصد تلك الانتهاكات وتوثقها، وقد كشف النقاب عن بعض تلك التقارير الموثقة وهناك أضعافها قيد الاعداد، وستكون تلك التقارير سيف مسلط على تلك الدول والأنظمة التي تشارك في قتل اليمنيين وتدمير اليمن.
من حائط الكاتب على الفيسبوك