تطوّرات متسارعة تشهدها اليمن، «أنصار الله» يواصلون الزحف لاستكمال سيطرتهم على بقية المحافظات الشمالية؛ وبدأوا في السيطرة على بعض المحافظات الجنوبية بالتحالف مع شخصيات سياسية وقبلية جنوبية، ومعتمدين على ضعف الرئيس هادي والانقسام الذي يحدثه أينما ذهب، إضافة إلى عدم ثقة الوحدات الأمنية والعسكرية فيه بعدما طالها من اعتداءات واغتيالات وذبح العشرات من أفرادها دون أن يتخذ أي إجراءات أو يحشد الرأي العام ضد تلك الجرائم، وعلى العكس من ذلك تماماً فقد اعتمد هادي على اللجان الشعبية التي أنشأها معلناً بذلك عدم ثقته في المؤسّسات الأمنية والعسكرية..!!.
التوسُّع المتسارع للحوثيين يقوم على أنقاض أجهزة السُلطة المتهالكة، وانتشار المجموعات المسلّحة في أغلب المحافظات اليمنية، حتى الرئيس نفسه أنشأ له لجاناً وسلّمها مقاليد السُلطة في أبين وعدن؛ ودعم لجان أخرى في الجوف ومأرب له علاقات واضحة مع تنظيم القاعدة؛ وبالتالي أصبح المواطن البسيط يقارن بين تلك اللجان، ويبحث عن الأفضل والأكثر انضباطاً والأقل ضرراً منها، ووجد أن اللجان الشعبية التي يشكّلها «أنصار الله» هي الأكثر انضباطاً ولها قيادة معروفة يمكن الرجوع إليها، بينما بقية المجموعات المسلّحة واللجان إما مرتبطة بـ«القاعدة» أو مشتّتة وغير منضبطة وتعمل بارتجالية.
لم يتمكّن هادي خلال سنوات حكمة من إيجاد نموذج مصغّر للدولة حتى في أمانة العاصمة صنعاء أو عدن أو محافظته أبين، وهذا ما ضرب علاقة المواطن بالدولة في الصميم ولم يعد يجد نفسه معنياً بالدفاع عنها أو عن مؤسّساتها، وهذا هو السّر وراء تقبُّل الكثيرين للجان الشعبية المنتمية إلى مختلف الأطراف السياسية، وأصبح المواطن يبحث عن الأفضل فقط، أما أجهزة الدولة لم تعد تدخل في المقارنة من الأساس على الأقل في وعي المواطن البسيط.
نتمنّى أن تكون تلك الأوضاع مؤقتة وأن يُفَعّل الطرف الذي سيسيطر على الأوضاع أجهزة الدولة ويعمل من خلالها – بالشراكة مع مختلف الأطراف السياسية - حتى تستعيد تلك الأجهزة هيبتها وأهمّيتها لدى المواطن؛ لأن الاستمرار في العمل من خارج المؤسّسات سيدمّرها أكثر.
albkyty@gmail.com