نتداعى الى مقيل ياسر العواضي كل خميس تقريباً, نجتمع من مختلف الأطراف السياسية, غالباً ما يكون هناك مسئول مهم على الأقل كل نصف شهر, اضافة الى سياسيين وصحفيين وكتاب يمنيين واجانب, مستقلين ومحسوبين أو قريبين من تيارات سياسية, تجد في مقيله المستقل والإصلاحي والاشتراكي والحوثي والحراكي والناصري والمؤتمري.
تدور عجلة الكلام حول موضوعات الساعة, احياناً يتشتت النقاش ويتحول الى نقاش جانبي, يتدخل المايسترو ياسر العواضي محاولاً ضبط الإيقاع ومقترحاً على احدهم رئاسة الجلسة وتنظيم النقاش, ويتجنب ادارة النقاش بنفسه, يحبذ أن يكون النقاش مفيداً ومنظماً وبالأخص عندما يتواجد مسئول مهم, وزير أو شخصية أخرى نافذة, ولولا خصوصية المجلس لذكرت بعض الأسماء.
محمد عايش "يطنن" في احدى زوايا المجلس, وعينه على تلفونه وبرنامج الواتس أب وكأنه مقبل على مشرع زواج جديد, لا يشترك في النقاش إلا ما ندر, نائف حسان أكثر تركيزاً على ما يدور من نقاشات, عبدالله دوبله وسمير جبران أكثر ميلاً للمشاركة في النقاش وبالأخص عندما أكون انا الطرف الآخر, محمود ياسين يتشبع بالقات حتى تكاد لا تُرى عينه اليسرى, محمد العلائي في هدوءه المعهود ونقاشه الموضوعي.
تلك اسماء بعض الصحفيين الذين التقيت بهم كثيراً في مجلس ياسر, وهناك العشرات غيرهم الذين يأتون بين الحين والآخر, التقيت ببعضهم وسمعت عن آخرين, علي الجرادي, نبيل الصوفي , جمال عامر, محمد المقالح , عبدالكريم الخيواني, مروان دماج, محمد الصالحي, ومن السياسيين الاصلاحيين عبدالرزاق الهجري وعلي العنسي ومؤخراً محمد قحطان, ومن الناصريين محمد الصبري, ومن انصار الله حسين العزي وعبدالملك العجري, وعندما كان الحراكيون في مؤتمر الحوار كان مجلس ياسر أكثر احتضاناً لهم, من محمد علي احمد الى باشراحيل وغيرهم, أما المؤتمريين فحدث ولا حرج, ابتداء من عبده الجندي مرواراً بالكحلاني والزوكا, وصحفيين وباحثين أجانب, الدكتوره ابريل, الصحفي الأمريكي آدم الذي ينهي تخزينته وركبتيه بجانب ذقنه من شدة الكيف والتركيز.
ياسر دمث الأخلاق, سياسي محكنك, علاقاته واسعه, واضح في طرحه بحيث لا يترك لك مجالاً للغموض, يؤمن بلا حدود بحتمية التعايش وبعدمية الاعتقاد بإمكانية اقصاء أي طرف, واقعي في طرحة الى أبعد مما تتصور, لا يحبذ النقاشات السياسية بالشعارات, يميل الى الوضوح واختصار الوقت, سرعان ما تتفق معه على اغلب القضايا, وحتى عند الإختلاف تكون النقاط واضحة ومعلومة.
تشعر في مجلس العواضي بروح التعايش والانسجام الذي يمكن أن يكون عليه اليمنيون بمختلف انتماءاتهم السياسية, الاحترام المتبادل بين الجميع, النقاش بشفافية ومصداقية عالية, شعور متبادل من الجميع بخصوصية المجلس وبالتزام أدبي بعدم افشاء بعض ما يدور فيه من نقاشات دون أن يضع أحدهم حدود, لكنها تستشف من الصراحة التي يتحدث بها الجميع, والغير معهودة في بقية المجالس أو امام وسائل الإعلام, لذلك يتحدث الجميع بمصداقية نوعاً ما, دون مزايدات أو تعصب, يشعرون وهم يتحدثون في السياسة وكأنهم في اجازة من احزابهم ومناطقهم ومراكز القوى التي يعبرون عنها, فنوعية الضيوف ومستواهم الثقافي تدفع الجميع الى أن يصبح خطابهم وحديثهم موضوعياً واكثر ارتباطاً بالمشروع الوطني منه الى المشاريع الخاصة.
كم تمنيت لو تطرح القضايا الخلافية الحقيقية بين مختلف الأطراف السياسية المتصارعة والمتقاتلة –على طاولة المفاوضات بين تلك ألأطراف- بنفس الطريقة والأسلوب والشفافية التي تطرح فيها في مجلس ياسر العواضي.
ما الذي جعلني أكتب عن العواضي ومقيله وأنا في العاصمة اللبنانية بيروت, وفي شارع الحمراء تحديداً؟, انه الشعور بالمسؤولية تجاه صديق يحمل كل الود تجاه جميع الأطراف السياسية, تجاه سياسي شاب يسعى الى تأسيس مدرسة سياسية قائمة على الشفافية والوضوح ومراعاة مصالح الجميع, تجاه مؤتمري لم ينل من انصار الله الحوثيين –وغيرهم من الاطراف السياسية- بأي سوء, لا توجد في قاموسه السياسي مصطلحات التخوين والعمالة, لا يؤمن بالمناطقية والمذهبية, كان وسيطاً نزيهاً في الحروب الستة.
لم ترقني الحملة التي شنها عليه البعض, وسعيهم الحثيث لتشويه صورته, فكتبت عن ما اراه ويراه المئات غيري في ياسر العواضي, تأثرت –قليلاً- بالحملة التي شنها اعلام الاخوان على ياسر قبل سنوات, ولا يزالون, لكن معرفتي المباشرة به مكنتني من التعرف عليه أكثر, لذلك انقل لكم عن ياسر الذي عرفته لا عن ياسر الذي يريد ويسعى الآخرون أن نعرفه.
لم ارى احد يسارع للدفاع عن ياسر كما فعلوا تجاه زملاء وأصدقاء آخرين, وكأنهم يخشون من ان تطالهم بعض سهام تلك الحملة, أو ان ياسر يجب أن يظل صديقاً في السر, ومجلسه لا يحبذ البعض ان يعرف آخرون أنهم من رواده, أنا لست منهم, ولا توجد لدي صداقات سرية, ولا اذهب لمجلس ياسر ثم أخجل من الدفاع عنه, دافعت عن سامي غالب وعن نائف حسان وعن محمود ياسين مع خلافي مع بعض ما يكتبون, فلماذا لا ادافع عن ياسر وأنا اتفق مع أغلب ما يقول؟
نقلاً عن يومية الاولى