الحلقة (7)
حظيت ملحمة الشاعر الحضرمي “ ربيّع بن سليم بادييخ “ المسماة ب ( بروق الظفر) ، كما أسلفنا ، باهتمام وتقبل كبير من قبل أبناء “ تريم “ ، كما لقيت أصداء تفاعل معها من قبل شعراء حضرموت ، وأولهم الشاعر / سعيد علي باجراده الذي عاصره ، ويقال أنه من معارفه . وكان مغترباً مثله في سنغافورة. ومطالع ملحمته يقول :
بسم الإله أبتدي ورحمته أرتجي
وكل الخلايق لر حمته يرتجونها
وياحي وياقيــــــوم تحيي قلوبنا
وعز العرب في ذي الجهة لاتهونها
كما عارضها بعد مرور مائة عام عليها ، الشاعر الشهير/ خميس سالم سالمين عبود كندي. في ملحمة قالها في حرب العرب مع اليهود عام 1948م وقال هذه القصيدة في مهجره بشرق أفريقيا . يقول كندي في مطلعها ، متناصاً مع مطلع قصيدة الشاعر / ربيَّع بن سليم:
بروق الظفر والنصر في الأفق لملمت
وثجت على يافا خواصب مزونها
على ( ويزمان ) وأعوانه الأرض زلزلت
وفشلت مساعيهم وخابت ظنونها
ودولـــــه خياليـــــه لديهم تأسســـــــت
أساسهـــــا جنيهات الذهب يبذلونها
وفي مجلس الأمن استطاعوا بمالهم
أصوات الدول في صفهم يجلبونها
من الأصفر الرنان أعمى عيونهم
وجهلــــــــــوا مسائل بينه يعرفونها
يستهل الشاعر “ ربيّع بن سليم بادييخ “ ملحمته بوصف النصر الذي حققه محرر مدينة ( تريم ) من الحكم الظالم عليها وشبهه في صورة درامية بقصف البروق وعصف الرعود وانهمار المطر المتوالي على المدينة والتي سالت على إثره سيول التطهير من محتلها ومحت أثر ظلمه وخيبت آماله ، فيقول :
بروق الظفر والنصر في الأفق نمنمت
وثجّت على “الغنا” خواصب مزونها
ورعد الهنا قاصف يزوع الشوامخ
وزلزل ديار الظلم واهدم حصونها
وسالت سيولٍ هايلة تملي الفضا
محت أثرة الظلمة وخابت ظنونها!
ثم يعطف على تصوير المدينة بعد سقوطها في يد ابنائها في أعقاب حصار دام سبعة أشهر. واصفاً ما أصابها من خراب وتدمير فيقول :
وصارت ديار الظلم عبره لمن يرى
كأن لم يكن فيها عرب يسكنونها!
خلت خاوية تبكي على من سكن بها
ويستوحش الفض الغضب من سكونها
وظل غراب البين ينعى على أهلها
وباتت طيور البوم تندب بنونها
ثم يصور بعد ذلك مشاعر الأسف التي انتابته من مصير الحاكم الظالم والذي لم يكن يتمنى نهايته بهذه المأساوية، فيقول:
رمتهم سهام الدهر رشقٍ فأصبحت
منازلهم الغرّ العدى يقسمونها
تشتّت نظام اليافعي بعد ما انقضت
لياليه وأفتكت غلايق رهونها
فآهٍ على تلك الحصون التي اعتلت
وأغلابها دون الثريا ترونها
وآهٍ على تلك المصانع وحكمها
فما تحسب إن الدهر قط أن يخونها!
وآهٍ على تلك الديار التي ابتنت
ومن كل جانب غلمة يحرسونها
فما يقبل العقل إن أمر يصيبها
ولا ظننا إن العدى يملكونها
ثم يستدرك ليصف لنا مآل الظالم في كل الأحوال فيقول:
ولكنهم بالظلم والجور والهوى
رموا في مهاويها ولم يحذرونها
ولما عتوا واستعظموا رفع شأنهم
وهلكوا رعاياهم ولم يرحمونها
أتتهم مصايب شتتت جمع شملهم
جزاء ذلك الأفعال ذي يفعلونها
في الحلقة القادمة نستكمل أبيات هذه الملحمة التي خلدها الشعر الشعبي في حضرموت. فتابعونا.