انتهت القمة العربية الخماسية التي انعقدت في طرابلس بقرارات وصفها السيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري بانها 'هامة'، وقال ان الاجتماع شهد أجواء ايجابية وتوافقا ملموساً بين قادة الدول الخمس (مصر، ليبيا، اليمن، العراق، وقطر).
المعيار الذي استند إليه السيد ابو الغيط في إضفاء صفة الأهمية على القرارات، يتجسد في موافقة القمة وزعمائها على اقتراح الرئيس حسني مبارك بان يصبح المسمى الرسمي للجامعة العربية هو 'اتحاد جامعة الدول العربية'، وعقد قمتين سنوياً، أحداها عادية والثانية تشاورية في دولة الرئاسة 'بما يعزز التشاور والتنسيق بين الزعماء حول قضايا الأمة العربية'.
لا نعرف ما هو الفرق بين التسمية القديمة اي جامعة الدول العربية وإضافة كلمة 'اتحاد' اليها، مثلما لا نفهم ما الذي سيضيفه اقتراح عقد قمة تشاورية للزعماء العرب كل ستة أشهر، إضافة إلى القمة العادية، طالما ان معظم الزعماء العرب يتغيبون عن هذه القمم، ولنا في القمة العربية الأخيرة، في سرت بليبيا المثال الأبرز في هذا الصدد.
المعضلة الأساسية التي تواجه العمل العربي المشترك وتصيبه بالشلل الكامل، لا تتمثل في اسم الجامعة العربية، وانما في انهيار مؤسسة القمة العربية، وعدم فعاليتها، ناهيك عن عدم ثقة المواطنين العرب بها ونتائج اجتماعاتها.
الرأي العام العربي انصرف كليا عن القمم العربية، ولم يعد يتابع أعمالها، الا من ناحية واحدة فقط، تتمثل في ما يمكن ان يجري داخل أروقتها من تلاسن، او حتى شتائم، بين القادة المشاركين فيها.
وحتى هذه 'المتعة' لم تعد متيسرة في القمم الأخيرة، ليس لان الخلافات بين الزعماء العرب قد زالت، وحل محلها الوئام التام، وانما لان معظم هؤلاء فضلوا عدم المشاركة لتجنب المواجهات مع خصومهم، فتحولت القمم الى اجتماعات بلا طعم او رائحة، اللهم الا اذا كان الحديث عن وجبات العشاء التي تقام على شرف الزعماء المشاركين، فمن المؤكد ان طعامها جيد ورائحته طيبة.
فاذا كانت القمم العادية تعقد بعد تلكؤ، وعلى مستويات متدنية، ويحضرها نصف القادة (قمة سرت الأخيرة غاب عنها حوالي عشرة زعماء) وجرى تمثيل بعض الدول على مستوى السفراء، فكيف سيكون حال القمم التشاورية غير الملزمة؟
النظام الرسمي العربي في حال افلاس، وبات يبحث عن صيغ هيكلية جديدة ذات طابع صوري محض، لإشغال قادته وزعمائه، والإعلام الرسمي التابع لهم. فما فائدة القمم الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية اذا كان هذا النظام وأصحابه اعجز عن حل ابسط القضايا وهي المصالحة بين اعضائه، وازالة ظاهرة 'الحرد' المستفحلة في اوساطهم؟
اهم توصيف يمكن ان يختصر نتائج القمة الخماسية الأخيرة هو المثل العربي الشهير الذي يقول 'لقد فسر الماء بعد الجهد بالماء'، واضافة سبب آخر لتزايد انفضاض الجماهير العربية عن القمم واخبارها، والنظام الرسمي العربي الذي تمثله.