الديمقراطية عندنا ناشئة ..صحيح .. لكن من المهم الاستمرار في التراكم لا هدم كل ماتراكم دفعة واحدة.
فالديمقراطية منظومة متكاملة من الاخلاق والقيم والمبادئ الجامعة ، وهي للعقلنة ولصوت التقدم ولتفعيل المواطنة ولتحقق الكرامة وللارتقاء في الوعي، كما للمراس الذاتي والاجتماعي الممتلئ والنزيه والحر والمتطور وليس المراس السياسي فقط، وأقصد أن اجتزاءها وقولبتها وتنميطها في فعل واحد هو أكثر ما يسيء لها ويفرغها من مضمونها العام، كما لايمنحها فرصة التكرس والتحقق النموذجي المأمول.
لكنني اكرر السؤال الرهيب : لماذا في كل منعطف تاريخي تتحفز حيلنا اللاوطنية فقط فلا نتشارك إلا في استنفار همم اللامسؤولية كما لا نستمتع إلا بتعاطي صيغ التعقيدات الكبرى؟.. لماذا كلما اعتقدنا أننا على وشك أن نفتح ثغرة في الجدار الفاصل بيننا وبيننا، نلحق الأذى بنا أكثر ونتمعن في مراعاة مشاعر الخراب الوطني وضغائن الخيبات المؤزرة التي تتدافع؟”
أما الواقع فإنه يحتاج إلى تراكم لا أمنيات، كما أن التغيير يحتاج إلى واقعية لا غرق في التهاويم، والأنكى أن شروط التصور للحكم تفعلها أدوات القوة فقط شئنا أم أبينا.
كذلك التحديات يجب الاعتراف بها أولاً حتى نستطيع الانتصار عليها بالفعل، أما المناكفات فهي لا تجلب حلولاً، والنزعة التسطيحية التي تتهرّب من الإشكال الأساس لا يمكنها أن تقدم أي برهان موضوعي للمستقبل.
وفي واقع محصور الخيارات كهذا تصبح حتى “العداوات كالصداقات تؤذي؛ فسواء من تصطفي أو تعادي”.
fathi_nasr@hotmail.com