|
|
|
|
|
حتى لا يربح الحوثي ويخسر اليمن
بقلم/ كاتب//فيصل جلول
نشر منذ: 9 سنوات و 10 أشهر و 9 أيام الخميس 12 فبراير-شباط 2015 02:43 م
اتفق مجلس دول الخليج العربية مع الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي حول موقف واحد من "الإعلان الدستوري" الذي أذاعه "أنصار الله" مساء الجمعة الماضي، والذي انطوى على تغيير جذري للسلطة . موقف هذه الجهات العربية والدولية جاء متطابقاً مع موقف الأحزاب اليمنية التي رفضت بغالبيتها الساحقة "الإعلان" وإن تمايزت في توصيفها له وفي استخدام العبارات الشاجبة، تماماً، كما فعل مجلس الأمن الذي لم يتحدث عن انقلاب يمني، داعياً في الوقت نفسه إلى العودة إلى طاولة المفاوضات . حتى المبعوث الأممي جمال بن عمر لم يتحدث عن شرعية "الإعلان الحوثي"، وإن كانت الأمم المتحدة راغبة في رجوع المتحاورين إلى التفاوض، استناداً إلى مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة . وسواء اعترفت الجهات المشار إليها ب "الإعلان الدستوري" الحوثي أم لم تعترف، فقد صار واضحاً لها إلى أين يمكن أن يذهب "أنصار الله" إذا ما أصرّ المتحاورون على تجاهل قوتهم وإرادتهم المعلنة وحرمان الطبقة السياسية التقليدية من وسائل تمويلها عبر الدولة والقطاع العام، والاندماج من موقع راجح في المؤسسات الرسمية، بما يعطيهم فرصة لاستخدام الرقابة والفيتو على قراراتها ومواردها والحصول على حصة في الجيش والرئاسة والمؤسسات التمثيلية المختلفة . والواضح أن هذه الحصة تكون متوسطة الحجم او ترجيحية إذا ما تم التوصل إليها عبر المفاوضات أو تكون غالبة بل مطلقة إذا ما فشل الحوار وذهب المتحاورون إلى ساحات القتال دفاعاً عن مصالحهم . ولعل الأحزاب الرسمية مجبرة اليوم على التعاطي مع الظاهرة الحوثية بوصفها حالة متحركة على منعطف طرق يمني خطير يتاح فيه اللعب والمناورة خلال وقت محدد وبوسائل مكشوفة، ذلك أن الوقت لا يلعب لصالح الحوثيين الذين لا يمكنهم الإعلان عن "ثورة مظفرة" و"ميثاق دستوري" مرة كل أسبوعين بعد فشل الحوار الوطني . لذا رأينا كيف أنهم فاجأوا الجميع بالإعلان الدستوري فور تعثر الحوار الأخير، ولا شك في أنهم سيباشرون تطبيق بنود "الإعلان" إذا فشل الحوار الراهن الذي وعد خلاله جمال بن عمر الحوثيين حسب مصادر موثوقة بمساعدتهم في الحصول على نتيجة قريبة من الإعلان على طاولة المفاوضات، بدلاً من المخاطرة بعزلة يمنية وعربية ودولية وبعقوبات اقتصادية، وربما فوضى قاتلة لمشروعهم وفي السياق، لا يبدو أن قيادة الحوثي راغبة في قلب الطاولة على رؤوس الجميع، إلا في حال التعاطي معها كشريك على قدم المساواة مع الآخرين له ما للناصري والإصلاحي والاشتراكي، وفي أقصى الحالات له ما لحزب المؤتمر الشعبي العام بعد خسارته السلطة . والواضح أن الحوثي يرغب في التوصل إلى حل تفاوضي يتيح فرصة للحصول على كامل السلطة بالوسائل السلمية . موجز القول إن "أنصار الله" قرروا العودة إلى المفاوضات مع إعلانهم الدستوري وليس بمعزل عنه أو على الضد منه، خصوصاً أن أحداً لم يشترط عليهم ذلك سوى منافسيهم في أحزاب "اللقاء المشترك"، وهذا يعني أن على المتفاوضين أن يعودوا إلى البحث عن صيغة مشتركة لحل أربع مشكلات معقدة: الأولى، تتعلق بالسلطة الرئاسية الانتقالية التي تلي عبدربه منصور هادي، وهو محق في الإصرار على استقالته، لأن أحداً غير بان كي مون لم يطالب بعودته عنها . وصيغة الحل المطروحة التي تحظى بما يشبه الإجماع تنص على تشكيل مجلس رئاسي يضم ممثلين عن كافة القوى السياسية، وتكون مهمته محصورة بفترة انتقالية ودستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية على أن يكون انتقالياً لمدة سنة او سنتين . وكانت رئاسته ستذهب إلى الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، وربما إلى اللواء محمد الصبيحي، وهما الأوفر حظاً في تولي هذه المهمة . والمشكلة الثانية تتعلق بالمؤسسة العسكرية وإخراجها من أتون الصراعات على السلطة، وبالتالي الكف عن شرذمتها والتلاعب بها يميناً ويساراً، والاتفاق حول هذه النقطة لن يكون صعباً إذا ما تم توزيع السلطة بطريقة متناسبة وعادلة للجميع . الثالثة، وهي الأصعب تتصل بنظام الأقاليم، وهنا لا يرغب الحوثيون في الحديث عن الأقاليم الستة التي خرجت من "الحوار الوطني" في منتجع موفمبيك، ولا يوجد ما ينبئ بقبولهم بصيغة الإقليمين جنوباً وشمالاً وما وصلنا عن موقفهم حتى اليوم يتعلق بمهلة لمدة خمس سنوات، يتم خلالها البحث من بعد بصيغة الإقليمين . والبادي أن هذه النقطة هي الأكثر صعوبة من بقية النقاط . الرابعة، وتطال هيكلة الاقتصاد الوطني وبالتالي نزع الاحتكارات التي تمسك بها عشر عائلات يمنية ويدور حولها اقتصاد البلاد، وكما في الإدارة يرى الحوثيون وجوب اندماجهم الاقتصادي، وبالتالي فتح الاقتصاد الوطني بهيكلية جديدة قد تلحق ضرراً بالعائلات المذكورة لكنها تتيح توزيعاً أفضل للثروة، وبذلك تكون الحركة قد أصبحت جزءاً أساسياً في النظام اليمني قادراً بفضل تماسكه وإيديولوجيته أن يصبح اللاعب السياسي الأهم في اليمن . فهل تتمكن القوى السياسية اليمنية المتحاورة من التوصل إلى حل تفاوضي لمجمل هذه القضايا؟ قد يتمكن اليمنيون من التوصل إلى حل إذا ما أدركوا أن التعثر سيقود الحوثيين إلى الحكم بلا معترض جدي، ويقود البلاد نحو الهاوية بسبب العقوبات الاقتصادية والعزلة الإقليمية والدولية، والحرب الأهلية المفتوحة جراء هذا الحل، وإن أدركوا بالمقابل أن التصدي ل"أنصار الله" بواسطة الانتخابات يمكن أن يغني عن التصدي الخاسر لهم بوساطة العنف . وفي الجهة الثانية يمكن الخروج من الأزمة إذا ما أدرك "أنصار الله" أن الحل السيئ الذي يأتيهم ببعض الانتصارات أفضل من الحرب الجيدة التي قد يربحونها ويخسر اليمن . - |
|
|
|
|
|
|
|