ترجم عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير بدقة المثل العربي “الفاجر أكل مال التاجر”, فهذا الفاجر الإرهابي المنقلب على الدولة, حاول تقديم اليمن فريسة لإيران, ففرض الحصار على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والعديد من الوزراء, بعد أن اجتاحت عصاباته صنعاء وبعض المحافظات, وأعلن دستوراً خاصاً به, لكن حين بدأت الدولة تسترد أنفاسها بعد تحرر الرئيس عبدربه منصور هادي من قبضته, خرج زاعقاً متهما دول المنطقة بالسعي إلى إشعال حرب أهلية في اليمن, ناسياً أنه هو من تسبب بالفراغ, وعطل المؤسسات الدستورية, وهو من قمع واعتقل وقتل, ما تسبب في إشعال فتيل الحرب التي بدأت عبواتها الناسفة تتفجر مع كل صبح في مختلف أنحاء البلاد.
ظهر عبدالملك الحوثي بعد التيقن من فشله سياسياً, على شاكلة نظيره في العمالة حسن نصر الله, متوعداً ومهدداً, فيما كانت نبرة صوته تدل على مرارة الهزيمة التي يشعر بها بعد أن وجد نفسه في مواجهة غالبية اليمنيين, حتى غالبية الزيديين باتت ضده, معتقداً أنه من خلال التطاول على الدول, واستدراج عزلة بلاده, يمكن أن يتحول زعيماً, غير مدرك أن مشغليه في طهران يبحثون عمن يفتح لهم كوة في جدار العزلة الدولية كي لا يغرقوا في بحر الغضب الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي افتعلوها بمغامراتهم.
وإذا كان تسلح بتبجح بعض قادة الحرس الثوري أنهم باتوا يسيطرون على مياه الخليج, ويمكنهم إخضاع دوله, فهو مشتبه, لأن تلك الأقاويل ليست سوى ترهات مجانين يبحثون عن بطولات دونكيشوتية عبر الإعلام, وينظرون إلى هدف أكبر بكثير من قدراتهم المتواضعة التي تدرك كل دوائر المنطقة والعالم, أنها ليست أكثر من قدرات عسكرية إعلامية لا تشكل قوة فعلية في الواقع.
إذا كان هناك فريق أميركي تحدث في مرحلة من المراحل عن الفوضى الخلاقة في المنطقة, فإن نظام ايران, عبر عملائه هنا وهناك, يسعى إلى فوضى هدامة في هذه البقعة المهمة من العالم, من خلال تفكيك مجتمعاتها بمعول الحروب الأهلية على غرار ما هو حاصل في الصومال والعراق وسورية وليبيا, غير أن الفارق في اليمن أن سيول الغضب أكبر بكثير من قدرات الألعوبة المسماة حركة “أنصار الله” وهي تسير على طريق المصير نفسه لجماعة “الإخوان” في المنطقة كلها.
في خطابه الأخير, بصم عبدالملك الحوثي على وثيقة وفاة مشروع إيران السياسي, فهذا الفاجر لن يستطيع أن يأكل اليمن, لأن هناك شعباً حياً يعرف كيف يحاكم شايلوك الحوثي وكل فاجر يسعى إلى أكل ماله ولحمه.