لله ثم للتاريخ ثم للأجيال القادمة، فإن تاريخ ثورة أكتوبر أمانة، وحماية تاريخه واجب وطني، خصوصا عندما يصبح عرضة للاستغلال الانفصالي الذي هو جزء من المشروع الاستعماري القديم الذي قامت الثورة لدحضه.
في 16/ 5/ 1963 وجه الضابط السياسي البريطاني في الحبيلين، "ميلن"، خطاباً كتابياً، باسمه وباسم نائب المشيخ في ردفان، إلى الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزة ورفاقه، ينتقده فيه بشدة لأنه كان مع مجموعته الثائرة في صنعاء وإب قبل أن يعود إلى ردفان:
"... وبعد: لقد تلقينا نبأ وصولكم من الجمهورية العربية اليمنية إلى وطنكم الجنوب العربي بين أهلكم في ردفان وأنتم تحملون الأسلحة والقنابل، وعليه فإنه يتوجب عليكم الحضور إلى عاصمة ردفان: الحبيلين، ومقابلة المسؤول السياسي البريطاني للتفاهم معكم وبحوزتكم الأسلحة والقنابل مع خمس مائة شلن (درهم) ضمانة عدم عودتكم إلى اليمن، وإن حكومتكم، حكومة الاتحاد للجنوب العربي، سوف تضمن بقاءكم، ما لم فإنكم سوف تنالون العقاب الشديد من حكومة بريطانيا وحكومتكم، حكومة اتحاد الجنوب العربي.
المستر/ ميلن، الضابط السياسي البريطاني
النائب محمود حسن علي، نائب مشيخة القطيبي".
استلم الشهيد لبوزة الإنذار البريطاني، ثم دعا رفاقه والمواطنين إلى اجتماع في قرية تتوسط قرى ردفان، وأطلعهم على محتوى الإنذار، وطلب منهم رأيهم في الرد على بريطانيا. وتم تشكيل لجنة من أربعة أشخاص لكتابة الرد. ولأن لبوزة لم يكن يجيد القراءة والكتابة، فقد كُتب الرد أكثر من أربع مرات من قبل شخص آخر. وجاء فيه:
"إلى حضرة الضابط السياسي البريطاني المرابط في الحبيلين، والنائب محمود حسن علي، نائب مشيخة القطيبي.
لقد استلمنا رسالتكم الموجهة إلينا بخصوص عودتنا من الجمهورية العربية اليمنية، التي تضمنت تسليم أسلحتنا وكل ما بحوزتنا من قنابل وغرامة خمس مائة شلن وضمانة بعدم عودتنا إلى اليمن وتسليم ذلك إلى حكومتنا حكومة الاتحاد. نحن نعتبر حكومتنا هي حكومة الجمهورية العربية اليمنية وليس حكومة الاتحاد، وغير مستعدين لكل ما في رسالتكم، ونعتبر حدودنا من الجبهة وما فوق، وأي تحرك لكم من تجاوز حدودنا فنحن مستعدون لمواجهتكم بكل إمكانياتنا، ولا تلوموا إلا أنفسكم. والسلام ختام.
الشيخ: راجح بن غالب لبوزة
عن مجموعة العائدين إلى ردفان من الجمهورية العربية اليمنية - 28/9/1963م".
وقبل أن يغلق المظروف، الذي وضع فيه الرد، أخرج لبوزة طلقة رصاص "عيلمان" من حزامه ووضعها داخل المظروف؛ دلالة على التحدي.
ملاحظة : المعلومات التاريخية في المقال مأخوذة من ورقة عمل للباحث محمد عباس ناجي الضالعي.