خلال اسبوع واحد من انطلاق مؤتمر الحوار استهدف بعض اعضائه للقتل رميا بالرصاص في كمائن مدبرة اشترك في تنفيذها مسلحون على متن سيارات، على الرغم من مشاركة ستين الف جندي في خطة لتامين المؤتمروالعاصمة خلال فترة انعقاده.
واذا افترضنا جدلا ان القوات المكلفة بتأمين العاصمة تقوم بواجيها في منع دخول السلاح والمسلحين الى العاصمة، الا ان الامر لايحتاج الى عبقرية لاستنتاج فشل الخطة الامنية في عاصمة مشبعة بالسلاح والمليشيات من مختلف الاتجاهات، فالمعتدون يمكن ان يخرجوا من اي بيت في اي شارع، وهو ما يفترض توفير حراسة امنية لكل عضو في الحوار ترافقه وتلازمه في موكب من عدة سيارات، كما تلازمه لحمايته في المكان الذي يسكنه، أما الوضع الحالي فهو استهتار بحياة المتحاورين لا اقل ولا اكثر.
الوضع الامني في صنعاء لايسمح اطلاقا بتوفير الامن للمشاركين في حوار مطول يدوم ستة اشهر، وترتفع فيه حدة الاختلاف والتباين في المواقف بمرور الوقت، لتتفاقم الاخطار على اعضاء الحوار اكثر فاكثر، في عاصمة شهدت العشرات من عمليات الاغتيال التي استهدفت عسكريين وقليلا من المدنيين.
ولعل ترتيبات الحوارات التي شهدها اليمن من قبل، وبغض النظر عن نتائجها كانت اكثر حكمة وحصافة؛ وقد تم عقدها في عمران، وحرض، وخمر، اما المؤتمر الاخير فقد عقد في عمان بالاردن.
وخلال التمهيد للمؤتمر الحالي عقدت سلسلة من الاجتماعات في عواصم عربية واوروبية، فلم يتعرض احد فيها لمحاولة اغتيال. ولربما كان ذلك هوالحل الامثل فلا امان اليوم في اي مدينة يمنية الا اذا استثنينا صعدة.
المستَهدفون والمستهدِفون:
في العملية الاولى تم استهداف حوثيين، وفي العملية الثانية اليوم تم استهداف جنوبيين من المشاركين في الحوار. والجهة الوحيدة التي تتبادر الى الذهن كمنفذ للعمليتين هي التجمع اليمني للاصلاح وحلفاؤه، فقد تم الاعلان عن المنفذين في العملية الاولى وانهم ينتمون الى محافظة الجوف التي تشهد صراعا داميا متقطعا بين الاصلاح والحوثيين. كما ان تجمع الاصلاح يخوض صراعا دمويا متقطعا مع الجنوبيين في الجنوب. اذن فالشك في التجمع مبرر.
وعليه فان كلا من وزير الداخلية اللواء عبد القادر قحطان واللواء علي محسن الاحمر المواليان او المنتميان للتجمع اليمني للاصلاح، واللذين تشارك قواتهما في تامين مؤتمر الحوار يدخلان حكما في دائرة الشك، وتلك سخرية ذات طابع درامي.
ولعل من المفيد هنا استحضار بعض من حديث صحفي قامت الميثاق باجرائه مع العقيد عبدالله علي الدرب مساعد قائد قوات النجدة لشؤون التوجيه المعنوي حول محاولة اقتحام وزارة الداخلية، واقتحام مبنى مكتب الوزير فيها يوم 30 يوليو 2012. واعترف هنا ان التغطيات الصحفية للحدث كانت مربكة ومتضاربة وبعضها غير معقول ولم تتضح الصورة الا بحديث العقيد الدرب الذي وضع النقاط على الحروف بالوقائع والاسماء، خاصة وان الكثير مماقاله تؤيده الوقائع التي يعرفها الجميع على الارض.
ومهما يكن الاختلاف حول رواية العقيد الدرب للاحداث فان ما ما جاء فيها مما يتعلق بمساعي اخونة أو أصلحة وزارة الداخلية هو من المعلومات الشائعة المتفق على صحتها بشواهد كثيرة جدا، ويقولها حتى شركاء الاصلاح في اللقاء المشترك. عليه فان الاطروحة الاساسية لهذه المقالة صحيحة تماما.
اقتحام وزارة الداخلية وحديث العقيد الدرب:
"كشف العقيد عبدالله علي الدرب مساعد قائد قوات النجدة لشؤون التوجيه المعنوي عن تفاصيل احداث وزارة الداخلية واسفرت عن استشهاد 2 جنود واصابة 48 جندياً من النجدة على يد مليشيات الفرقة والإصلاح الذين استقدمهم وزير الداخلية لاقتحام معسكر النجدة.
وحمل الدرب في لقاء صحفي قيادة الداخلية مسئولية تلك الاحداث ومسئولية الانفلات الأمني الراهن في البلاد.
مشيراً إلى أن هناك مخططاً يجرى تنفيذه من قبل الاصلاح لتدمير الداخلية وقواتها واحلال عناصر إصلاحية بدلاً عن قوات النجدة والأمن المركزي..
<بداية هَّلا اطلعتمونا على حقيقة أحداث وزارة الداخلية الاسبوع الماضي؟
- ما حدث في وزارة الداخلية هي مؤامرة لضرب الأمن والاستقرار في الوطن ومحاولة باءت بالفشل لعرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتمرد عسكري وسياسي على المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وهذه المؤامرة ليست وليدة يوم او يومين او حدث عابر وانما مخطط جرى الاعداد له منذ شهور ففي يوم الأحد 29 من الشهر المنصرم اجتمع عدد من منتسبي قوات شرطة النجدة في الطابور الصباحي بشكل نظامي وطرحوا على قيادتهم المطالب التالية :
أولاً : الترقيات والعلاوات - المهام العسكرية والتي هي التغذية والذخيرة والفراشات.
ثانياً : ايقاف الخصميات واطلاق العلاوات السنوية وبدل علاج المصابين والجرحى.
ثالثاً : تعديل فترات الخدمة التي تصل الى 12 ساعة بينما في الوحدات الاخرى 4 ساعات..
هذه المطالب طرحها الجنود على قيادة النجدة وعلى قيادة الوزارة منذ شهور ولكن قيادة الوزارة ظلت تراوغ وتماطل في تنفيذ تلك المطالب وظلوا يكذبون على الجنود ويعدونهم بوعود كاذبة وتلك الوعود هي جزء من مخطط المؤامرة.. فعندما وجد الجنود ان لا أحد يستجيب لهم خرجوا الى أمام بوابة الوزارة بشكل سلمي محتجين بطريقة حضارية ولكن قيادة الوزارة رفضت التجاوب معهم وخرج وكيل الوزارة لقطاع الأمن العام عبدالرحمن حنش، وأنا بصفتي أحد ضباط وقيادات النجدة تعهدنا بحل القضية واستطعنا احتواء الموقف من اليوم الأول وعاد كل الجنود الى مهامهم وعادت الأمور الى طبيعتها ولم تعد هناك أي اشكالية.
وقال العقيد الدرب: يوم 30 يوليو وفي تمام الساعة السابعة صباحاً تفاجأ جنود النجدة الذين يتولون حماية مبنى وزارة الداخلية بعشرات المسلحين يطلقون عليهم الرصاص بشكل مباشر ومباغت مما أسفر عن استشهاد أحد الجنود واصابة آخرين كانوا في البوابة في ذلك الوقت كان الجنود في عنابرهم نائمين وغير متوقعين حدوث تلك الجريمة التي تم التخطيط والتكتيك لها مسبقاً من اليومين الماضيين.
< كيف تم التخطيط والتكتيك لها مسبقاً ومن يقف وراءها؟
- وزير الداخلية هو المسئول الأول والأخير عن الاحداث فالتخطيط لتلك الجريمة كان مبيتاً حيث استقدم الوزير الى مكتبه مايزيد عن 35 شخصاً من الفرقة بحجة حماية مكتبه وحمايته الشخصية وقد دخلوا الوزارة بشكل طبيعي وبتوجيهات الوزير ليتم بعدها تسليحهم من مكتب الوزير الذي يحتوي على ترسانة أسلحة تكفي لتدمير الوزارة ومن فيها عمل الوزير ومن معه على ادخالها الى الوزارة طيلة الشهور الماضية فكانت تلك المليشيات مجهزة بالرشاشات والصواريخ اللو وقذائف الآربي جي وأكثر من (150) ألف طلقة وقنابل يدوية وذخائر مختلفة.
وللعلم قبل شهرين أمر وزير الداخلية باستقدام حراسة خاصة به من الفرقة على الرغم اننا نوفر الحماية الكاملة للوزارة وملتزمين بكل التوجيهات والقرارات فنحن ابناء مؤسسة وطنية واحدة ورجال عسكريين بيننا قسم عسكري وعلاقة أقوى من العلاقة الاخوية ولكن على الرغم من كل ذلك الوزير أصر على ادخال مليشيات من خارج الوزارة وبعضهم ليس من منتسبي الامن والجيش اي من الساحات.
< بالعودة الى الاشتباكات كيف وقعت؟
- كما ذكرت لك الجريمة وقعت الساعة السابعة والنصف صباحاً وبتواطؤ من ضابط أمن الوزارة وضابط أمن مكتب الوزير ومرافقيه حيث سهل لهم ضابط أمن الوزارة المقدم عامر الجوفي الدخول الى الوزارة ومعه ايضاً نشوان الملاحي وابراهيم السريحي من مكتب الوزير حيث وصلت تلك المليشيات على سيارة نائب ضابط أمن المكتب الملازم معاذ عبدالله المصباحي وجاءت من جهة الحصبة، كما جاءت السيارة الثانية قادمة من جهة المطار وهي سيارة وزير الداخلية «الشبح» وعليها مجموعة من مليشيات الفرقة بمجرد ان وصلوا بوابات الوزارة من الجهتين اطلقوا النار على جنود النجدة واستشهد على اثر ذلك المساعد صدام حسين الصالحي الذي رفض ادخالهم الى مبنى الوزارة لأنه ادرك انهم من غير منتسبي الوزارة وليسوا من مكتب الوزير على الرغم من ان التوجيهات كانت قد أتت الى البوابات من ضابط أمن الوزارة بالسماح لهم بالدخول بأسلحتهم وهذا أمر مستحيل لأن عددهم كان يتجاوز (300) شخص مدججين بالأسلحة اضافة إلى حراسة الوزير الذين يفوق عددهم عن (30) شخصاً مستعدين لتنفيذ بقية المهام والسيطرة على المبنى من الداخل ولكن مالم يكن يتوقع من تلك المليشيات رغم ان منتسبي النجدة على مستوى عالٍ من التدريب واليقظة والشجاعة.
فما هي إلا لحظات حتى تجهز منتسبو النجدة واخذوا أسلحتهم وتوجهوا لإنقاذ زملائهم الذين سفكت دماؤهم من قبل تلك المليشيات فاشتبكوا معهم من الساعة 7 صباحاً وحتى منتصف اليوم وقد اسفرت تلك الاشتباكات عن استشهاد احد منتسبي النجدة وجرج 48 جندياً ومصرع ثلاثة أشخاص من مليشيات الفرقة والاصلاح الذين حاولوا السيطرة على مبنى الوزارة ومعسكر النجدة.
ولكنهم فشلوا في الوصول حتى لبوابة معسكر النجدة وقد تصدى لهم أبطال النجدة بكل استبسال وفي مبنى الوزارة ايضاً حيث تم اعتقال 85 شخصاً من تلك المليشيات وحجزهم واثبات هويتهم وانتمائهم الى عدة جهات أولها الفرقة المتمردة.
< هل كانت هناك عناصر من غير الفرقة بين تلك المليشيات؟
- نعم كانت هناك عناصر اصلاحية من الساحة وعناصر من عصابة اولاد الاحمر الذين اختطفوا الجندي صدقي هزاع وقاموا بطعنه عدة طعنات وتركوه في الشارع بعد ان سلبوه سلاحه ومصيره مجهول حتى اليوم هل مات ام لايزال على قيد الحياة.. واعتبر في الامر ان وزير الداخلية ومنذ فترة يصر على ان يرتدي حراسته ومن معه زي قوات النجدة وقد اتضح لنا اليوم سبب ذلك.
< كيف تعرفتم على انهم من الفرقة ومن عصابة اولاد الاحمر والاصلاح؟
- من خلال بطائقهم التي تم تصويرها للرأي العام وتم الاحتفاظ بها واعترافاتهم الموثقة وقد تم احتجازهم في معسكرات النجدة ليتم بعدها الافراج عنهم بتوجيهات قيادة الوزارة وعلي محسن وقد تم مكافأتهم على قتل جنود النجدة بصرف سلاح ومبلغ مائة الف ريال لكل من شارك منهم في الجريمة.
< كيف تعلقون على اتهام منتسبي النجدة بنهب الوزارة وتدميرها؟
- هذا الكلام غير صحيح واتهامات باطلة يحاول لوبي الاصلاح داخل وزارة الداخلية الصاقه بقوات النجدة وقيادتها السابقة والحالية والحقيقة ان مليشيات الفرقة والاصلاح وعصابة أولاد الأحمر هم من نهبوا مكتب الوزير ودمروا مركز المعلومات وعدداً من مكاتب الوزارة.
والجميع يعرف ذلك كما ان مخزن الأسلحة كان أول هدف لتلك المليشيات عند اقتحامها الوزارة وقد نهبوه.
<برأيكم ما الهدف من وراء تلك الجريمة واستهداف وزارة الداخلية؟
- اولاً هناك اطراف سياسية فشلت في النيل من امن واستقرار الوطن والانقلاب على السلطة تسعى اليوم لافشال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتقويض جهود المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في اخراج الوطن من الازمة فالورقة الامنية هي الورقة الوحيدة التي تمكن تلك الاطراف من تحقيق مشاريعها التخريبية.
ثانياً : الهدف من تلك الجريمة هي وزارة الداخلية كمؤسسة وطنية تتحمل مسئوليات مقدسة في حماية الوطن وامنه واستقراره.. وبكل صراحة هناك مخطط اصلاحي يجري تنفيذه من قبل وزير الداخلية لتحويل وزارة الداخلية الى وزارة اصلاحية من أول جندي الى أعلى ضابط فيها.
وهناك عملية تجنيد سرية للمليشيات وعناصر اصلاحية متطرفة تسير بوتيرة عالية وهناك مضايقات كثيرة واستهداف نفسي ومعنوي وجسدي لمنتسبي النجدة والامن المركزي وهناك معلومات مؤكدة حصلنا عليها تفيد ان علي محسن والاصلاح اعدوا (2000) شخص من الساحة والبستهم ملابس النجدة والامن المركزي لتجنيدهم واحلالهم بدلاً من منتسبي النجدة والأمن المركزي الموجودين في العاصمة صنعاء ليتمكن الإصلاح من فرض سيطرته الأمنية على العاصمة بشكل كامل وتوزيع الجنود والضباط الموجودين حالياً في مواقعهم في المحافظات الاخرى والسيطرة على معسكراتهم.
الهدف الثاني من تدمير وزارة الداخلية لشرعنة الفوضى وافساح المجال أمام المليشيات المتمردة والتخريبية والارهابية للتوسع في العاصمة والمحافظات الاخرى وجر اليمن الى أتون الصراعات والحرب الاهلية ولكن هذا لن يتم فمنتسبو وزارة الداخلية وقواتها في النجدة والامن المركزي وبقية القطاعات سيفشلون أية مشاريع ومؤامرات تستهدف الامن والاستقرار ومصالح الوطن العليا.. فهم قوة ضاربة بيد الشعب والنظام والقانون والشرعية ولن تثنيهم أي من تلك المؤامرات.. نهاية الاقتباس من صحيفة الميثاق.