.. هل تمثل ثورة 26 سبتمبر علامة فارقة في التاريخ اليمني الحديث ؟
لا شك في ذلك ، لأننا بعدها استطعنا أن نقول اليمن قبل سبتمبر واليمن بعد سبتمبر…
فلم تكن ثورة سبتمبر الخالدة مجرد أمر ارتجالي أو نزوة في مخيلة مجموعة من المغامرين أرادوا أن يغيروا شكل الحكم الذي كان قائماً ، لأن “الثورة فعل اجتماعي وتاريخي ينهض به شعب لا نخبة تنوب منابه أو تدعي تمثيله باسم “الطليعة الثورية” أو “الطليعة المقاتلة” وما في معنى ذلك “ ولكنه شعب أراد فتحرك…
والذي يظن أن الأمر مجرد تغيير السلطة الحاكمة والمجيء بسلطة أخرى فهو واهم لأن “ الثورة - أي ثورة - ليست هدم نظام سياسي قائم، بل هدم نظام اجتماعي، وبناء نظام جديد . والثورة، بهذا المقتضى، حركة تراكمية إلى الأمام، فلا تكون ثورة إلا متى خطت بالمجتمع نحو نظام سياسي واجتماعي - اقتصادي أكثر تقدماً من سابقه، وإلا كانت ارتكاساً إلى وراء وثورة مضادة .”
والثورة السبتمبرية الخالدة سبقتها إرهاصات مثلت تراكمات لها بدأت هذه الإرهاصات بحركة 1948م أو ما سميت بثورة الدستور وبعدها حركة 1955م ومن ثم محاولة اغتيال الإمام أحمد في مستشفى الحديدة سنة 1961م حتى انفجار الثورة في 26 سبتمبر 1962م…
لكن لتوثيق التاريخ هناك انتفاضات سبقت وعاصرت تلك الحركات لم تلق من تسليط الضوء عليها بشكل مكثف ؛ أولها انتفاضة المقاطرة عام 1922م وبعدها حروب الزرانيق مع الأئمة ابتداء من عام 1926م وحتى مقتل الإمام يحيى حميد الدين عام 1948م ولا ننسى انتفاضة حاشد 1958م ، وأخيراً التيار الطلابي الذي خرج بمظاهرة عارمة في أواخر مايو عام 1962م ، و الأستاذ البردوني خير من سلّط الضوء على كل تلك الإرهاصات في كتابه “اليمن الجمهوري” …
وبإطلالة الذكرى الحادية والخمسين لثورة سبتمبر الخالدة - واليمن يمر بمخاض عسير هذه الأيام - فهل تكون هذه الذكرى فرصة مناسبة لمراجعة جميع المراحل التي مرت بها الثورة السبتمبرية منذ الإرهاصات حتى ما بعد استقرارها ؟
لعل الأجيال القادمة تستفيد من تلك التجربة ؟!
فنحن لو أننا نتعلم في كل ذكرى ثورة سبتمبر الخالدة درساً واحداً فقط ، لكان لدينا إلى الآن 51 درساً !
هذا إذا كنا حقاً قد تغيّرنا فأصبحنا نتعلم من أحداث الماضي ، أم إنه يصدق علينا قول كارل ماركس “الثورات أثبتت أنها تغيّر كل شيء إلا الإنسان.” ؟
أترك الجواب لكم …