عاد العنف إلى المشهد اليمني بشكل أكثر قسوة ودموية، وأعاد معه إلى الأذهان تلك الأيام العصيبة أمنياً، التي شهدها اليمن قبل أكثر من عام في سلسلة تفجيرات أدخلت البلاد نفق الاضطراب. فما وقع من تفجيرات دامية استهدفت المقار العسكرية، وبما أودت به من أرواح عسكريين، يدق ناقوس الخطر عن عودة أشد لتنظيم القاعدة، بعد أن تمكّنت السلطات من كبح جماحه وتلجيمه بما أعاد الهدوء نسبياً للأوضاع.
ولعل الاضطرابات الأمنية الأخيرة تتطلّب من قوى الأمن تطوير استراتيجياتها وخططها، لمواجهة الخطر الداهم والذي استنزف البلاد في مواردها ومقدراتها المادية والبشرية، الأمر الذي يقتضي إعادة النظر في تأمين المنشآت العسكرية والاقتصادية، بما يؤمن أرواح اليمنيين واقتصادهم المستهدف تارة بالهجوم على محطات توليد الكهرباء، وتارة أخرى باستهداف منشآت النفط التي تؤمّن معاش المواطنين.
يخطو اليمن هذه الأيام خطوات مهمّة بحصد ثمار مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر ستة شهور، وما أنجزه حتى الآن من إنجازات من قبل المشاركين الذين يمثّلون كل فئات المجتمع وطوائفه، على هدى المبادرة الخليجية، يعتبر مبشّراً ومطمئناً في الوقت ذاته، لا سيّما مع التوافق الذي توصّل إليه المشاركون في مختلف القضايا المهمة والجوهرية، لتبقى قضية الجنوب أهم أجندة المؤتمر، محل شد وجذب بين المتحاورين، لكن اليمنيين قادرون على تجاوز هذه النقطة الحساسة، بما يحفظ لليمن تماسكه ووحدته أرضاً وشعباً.
لا سبيل أمام أهل اليمن في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، سوى التوافق وتجاوز الخلافات وكل ما من شأنه اعتراض طريق القطار اليمني وحرمانه من الانطلاق في طريق التنمية الشاملة وبناء الدولة الحديثة المتطوّرة، التي تحتضن الكل وتستوعب اختلاف التوجّهات والرؤى.
تتزايد الآمال في توصّل المتحاورين اليمنيين إلى تسوية وقواسم مشتركة وحلول مرضية فيما تبقى من أيام مؤتمر الحوار، وتوافق الكل على شكل دولة اليمن الموحّدة الحديثة، ليستشرف أبناؤها المستقبل المشرق وهم أكثر تماسكاً ورغبة في خلق واقع جديد يحقق الطموحات.
.