منذ العام 2000 لا يزال اليمن يُـناضل لكبْـح جِـماح حركة انفِـصالية في جنوبه، وصراعات مذهبية في شماله، مواجهاً ضغوطاً متزايِـدة لحلِّ صراعاته الداخلية مما أتاح للجماعات الارهابية وفي مقدمتها شبكة تنظيم القاعدة أفقاً أوسع في التحرّك والتهديد والاعتداء على المصالح الوطنية والدوليه.. بات الارهاب أسرع وأكثر اتساعاً مقارنة بجهود مكافحته ..فهو لا يتسع فقط مع اتساع حالة الانفلات الامني والفساد السياسي ..لكنه يتسع أيضاً مع اتساع دائرة الفقر والبطالة والأمية والفساد الأخلاقي والفهم المغلوط للدين والسياسة معاً.. تنظيمات سياسية نشأت على أنها تقوم على الإيمان بالوسائل السلمية والتنافس السياسي للوصول الى السلطه لكنها لا تُمارس التنافس السلمي حتى على موقع الإمام في المسجد أومنبر الخطابة فهو في نظرها حق مكتسب لا يخضع لأي معايير علمية أو دينية أو أخلاقية..
على مدى السنوات الماضية تحوّل اليمن الى ساحة حرب شبه يومية بين القوات الحكومية والجماعات الارهابية أدت الى سقوط المئات من الضحايا سواء من رجال الأمن وضباط الاستخبارات أو من المواطنين المدنيين الأبرياء فضلاً عن الشخصيات الديبلوماسية والسياسية التي كثيراً ما تعرّضت للتهديد والاغتيال والاختطاف.. (وفي يوم الجمعة القريب سقط ما يقارب الـ65 شهيداً من أبناء القوات المسلحة اليمنية في محافظة شبوة بفعل تفجيرات ارهابية لسيارات مفخّخة).
لم يعد خطر الجماعات الإرهابية تهديداً لليمن فحسب بل أصبح تهديداً للمصالح الاقليمية والدولية وأعتبرته بعض القيادات الاستخباراتية الامريكية “أكثر التّهديدات العاجلة على الأمن الأمريكي، وأنه أخطَـر ممّـا تشكِّـله قيادة القاعدة في باكستان”.
وإذا كانت بعض المنظمات المعنِـية بالدفاع عن حقوق الإنسان تعتبر إن القصف الجَـوّي للمُـشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة، يُـعتبر إعداماً بدون محاكمة في إشارة الى ما تنفذه الطائرات ..يحق لنا أن نتساءل : هل ما تقوم به الجماعات الارهابية من قتل واغتيالات وتفجيرات سقط جراءها الآلاف من الأبرياء في مختلف أنحاء العالم يجري وفقاً لمحاكمة عادلة أم أنه نتاج لمزاج الإرهاب والإرهابيين..؟
إن الواقع يكشف باستمرار حقيقة حاجة اليمن الى دعم دولي وإقليمي سخي وعادل ومبرمج لتنفيذ استراتيجية وطنية دولية لمحاربة الإرهاب والتشدّد والتطرّف .. ولم يعد هناك مجال لمن يشكّك في حاجة اليمن الى مثل هذا الدعم وأهميته .. فالوضع الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني لليمن لايؤهلها بمفردها لحسم ملف الإرهاب أو التعامل مع شبكة تنظيم القاعده التي تختار اليمن لتكون قاعدة انطلاق لها بحكم الخصائص الجغرافية والسياسية اليمنية..
التعامل مع مسألة الإرهاب في اليمن بحاجة الى المزيد من الجدية والديناميكية .. وهي مسألة مرتبطة ببناء مؤسسات الدولة بشكل منظّم وتصحيح الاختلالات ،ومساعدة اليمن على النهوض بالتحديات الاقتصادية بما يمكّنها من تحقيق نهضة تنموية لا تترك فراغاً للجماعات الإرهابية للتسلّل أو التأثير في عقول الناس أو استغلال معاناتهم المعيشية.
Unis2s@rocketmail.com