في مثل هذا اليوم قبل عامين أدلى الملايين من اليمنيين رجالاً ونساءً بأصواتهم للمرشّح التوافقي حينها عبدربه منصور هادي؛ ليس لمجرد أن يصبح هو رئيساً وحسب؛ وإنما ليكون هناك رئيس من أجل الشعب.
ويوم 21 فبراير 2011م كان وقوف الناس واصطفافهم في طوابير الاقتراع ليس كأي حدث انتخابي وإنما أشبه بطقوس ابتهالات بأن يتقبّل الله من اليمنيين مناسك التسوية السياسية، وأن يطهّرهم بها من خطايا السياسيين وخطيئات المسلّحين والمتصارعين, وكان هادي بمثابة الأمل وبمثابة الرهان لقيادة مسيرة التغيير وفي ذات الوقت لكبح جماح الإقصائيين الذين لا يؤمنون بالتوافق والتعايش.
ولقراءة مسار عامين من المؤكّد أن الحال أفضل من عام 2011م الأسود, الرئيس هادي اتخذ قرارات شجاعة أزاحت رموزاً عائلية كانت مهيمنة وممسكة بمفاصل القوة العسكرية والأمنية وحتى المدنية, لكن هذا لا يعني أنه تم التخلُّص من مراكز القوى كافة، وأن البلد أصبح مهيّأً لدولة نظام وقانون بعيداً عن المتنفّذين والمستقوين بالسلاح والنعرات العصبية والعشائرية.
الناس أرادوها ثورة لاجتثاث الفساد وتغيير الفاسدين، وبالفعل تمّت إزاحة كثير من رموز الفساد؛ ولكن بالمقابل لدى الناس اعتقاد أن البعض ممن جرى تعيينهم ربما لم يكونوا أهلاً للثقة الرئاسية أو أنهم نسوا أو تناسوا أن البسطاء لم يحلموا باستبدال أشخاص محل أشخاص لمجرد تغيير الوجوه لا أكثر, فبدت الحصيلة مزيداً من الفساد يمارسه البعض ممن جرى تعيينهم في العهد الجديد وليس الكل.
وطبعاً يجأر الناس بشكوى أخرى وهي أن بعض قوى الثورة والتغيير ـ للأسف الشديد ـ لم تستوعب حتى الآن ما جرى في بلدان «الربيع العربي» الأخرى التي نفد صبرها على الإقصائيين؛ وبالتالي جعلتهم يدفعون ثمناً باهظاً لنزوة الاستثئار التي مارسوها؛ وبالتالي هناك عدم رضا تجاه الإقصاء الذي تمارسه بعض القوى التي تكاد تتحوّل من خانة الثورية إلى خانة السلطوية الاستبدادية.
وعليه فإن مقرّرات مؤتمر الحوار الوطني قد منحت الرئيس هادي فترة زمنية إضافية لإنجاز مهام كبيرة, وإذا ما وضعنا ذلك إلى جانب الثقة الشعبية والدعم الدولي الذي يحظى به الرئيس هادي, فإن أمامه فرصة تاريخية لإنجاز خطوات مهمة واتخاذ قرارات شجاعة تمكّنه من إزاحة مراكز القوى واستبدالها بمركز قوي واحد وهو دولة النظام والقانون ودولة المؤسسات.
alhayagim@gmail.com