الرئيس مريض ولم يعد يشكل خطراً، الخطر الآن هو في هذه اللهجة التي تتحدث عن جيلنا وكأنه مجموعة خريجين سيتم بحث ملفاتهم.
جيلنا هو الذي وضع باسندوة بمواجهة الرئيس في الرياض، فلا يحذرنا دولته من الشطط.
طريقة تفكيرنا هي التي حملت البلد إلى عربة التغيير ولا ينبغي أن يقود المرحلة مجموعة كهول يعتقدون أن عجوزاً واحداً خطيراً قد تمت إزاحته من طريقهم.
الدكتور ياسين وحده لا يكفي.. يا سين الذي افتتح دوره السياسي في الثورة بـ(نحن معكم).
لا يظنون أن بوسعهم استرضاءنا بحقيبة يعطونها لتوكل وهذه حصة الشباب ضمن محاصصة جديدة نحضرها بأدب.
في الأصل ينبغي لمن يقودنا إلى المستقبل أن يكون مستقبلياً كتفكير وكأدوات، وكخبرة حياتية.
لم ينم باسندوة ليلة واحدة في قسم داخلي، ولم يركب عبدربه منصور كشخص رابع في المقعد الخلفي للبيجو، ولم يخطر له في قاع جهران سؤال من نوع.. كيف أجد ذاتي.
دعك من الوظيفة إذ سيخبرك أول عجوز من المتحدثين باسم ثورة الشباب أنه أيضاً جرب معاناة البحث عن وظيفة وقد يتذكر عبدالوهاب الآنسي أنه هو الآخر أمضى ليلة في قسم داخلي، لكن من مِن هؤلاء يفكر مثلنا؟ هوية الأيام السياسية القادمة ينبغي أن تحمل رائحة ثلاثينيات العمر فتوته واندفاعه وانحيازه للمغلوبين.
ينبغي تحميل ذهنية جيلنا للفعل السياسي القادم بما في ذلك المزاج الحالم الشغوف بالموسيقى والمهارة.
وكأن الأمر سينتهي بـ(بيض الله وجوهكم يا شباب) مع أن الحكاية حكايتنا ووجهنا الذي هو وجه البلد.
لست هنا لأدعي أنهم أصلاً كانوا مجرد وكلاء شريعة في قضية تم الفصل فيها لصالحنا غير أنهم يتصرفون الآن كشركاء تأريخيين حصلوا على فرصة للمشاركة في إدارة منشأة قديمة، منشأة عتيقة تنبعث من زواياها رائحة البيروقراطية على إيقاع خطوات مجموعة من الموظفين الذين تجاوزوا مرحلة التقاعد وتم استبقاؤهم فقط لحاجة المدير العجوز الذي دفعه جيلنا مؤخراً إلى خارج المنشأة.
هذه مسألة قيادة بلد بطريقة ملائمة للزمن الراهن وليس بالضرورة أن تكون ملائمة للشباب الذين قاموا بالتغيير.
إنه زمن ينبغي تنصيب ذهنيته قائداً لمرحلة جديدة، زمن ضروري للغاية، لأنه راهن وملائم لحاجة البلد بكامل أنماطه الذهنية وجماعاته.
منذ الأيام الأولى التالية لتوقيع الرياض بدأت تطفو على السطح تجاذبات لا تخصنا وهي أقرب إلى ما بعد الوحدة بأيام، أو إلى القرن الهجري الثاني.
وكأنه فقط كان يعوزنا المبرر الكافي لاستجماع طاقاتنا الكامنة في الإفصاح عن أمراضنا الكامنة من معضلات التاريخ إلى ضغائن الجغرافية السكانية.
وكأنه فقط قمنا بإجبار علي عبدالله صالح على التنازل عن كل مشاكله مع مجموعات البلد لصالحنا، وتخلى عن حقه الحصري في الإخفاق مع رفاقه لنقوم نحن بالأمر وينتهي الموضوع الثوري كله بمنحنا الفرصة الكاملة لاختيار (شيبة جديد) وليس اختيار حياة جديدة.
لم يتملق أحد الساسة حتى الآن طريقة تفكير جيلنا، على العكس يتحدث أحدهم عنا وكأننا أبناء أخوته الذين أنصفوه أخيراً.
يقول لنا باسندوة من خلال "الجزيرة": أحذركم من الشطط.
الآن أصبح شططاً وبدأت مخاوف دولته ترى فيما يقوم به شباب التغيير مبعث خطر.
أنا أقصد هنا اللامبالاة وعدم توخي الحذر تجاه مشاعر شباب الثورة.
لقد حذرنا من الشطط باسترخاء كامل يفصح عن عدم اكتراث لا وعي جيل الماضي لشأننا، ويتحرك مطمئناً لكوننا لن نشكل ضاغطاً أخلاقياً وسياسياً من أي نوع بقدر ما نمثل مبعث شطط خطر على مغنم يوشك أن يصبح