تواصل مؤسستنا الوطنية الكُبرى «الجيش والأمن» استبسالها في معركة التصدّي لآفة الإرهاب والتي بلغت أعمال تنظيماتها أو عصاباتها المنظمة حدّاً تجاوز كل الحُرمات الدينية والوطنية والإنسانية.
أي دين لهؤلاء, وأية قيم أخلاقية أو إنسانية قد يتشدّقون بها في الوقت الذي تعاني بلادنا منذ أكثر من عقدين من الزمن أعمالهم الإرهابية التي ذهب ضحيتها الآلاف في هذا البلد أغلبهم يمنيون مسلمون وآخرون أجانب مسالمون جاءوا إلى اليمن إما سيّاحاً أو خبراء يعملون في شركات ومصالح حيوية أو مدرِّسون أو أطباء..؟!.
وأكثر من الدماء التي أراقها هؤلاء؛ فهم قد دمّروا اقتصاد بلد، وأوصلوا شعبه إلى حافة الفقر المُدقع جرّاء تشويههم سمعة اليمن وترويعهم كل من كان يعتزم المجيء إلى بلدنا الحضاري والاستراتيجي سواء للسياحة أم بغرض الاستثمار؛ فكانت النتيجة أن اقتصادنا بات يتكبّد سنوياً خسائر تقدّر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار؛ وهي ثروة تفوق عائدات النفط السنوية.
ومن كل ما تقدّم ينبغي التأكيد على أن تحقيق انتصار حاسم في معركتنا ضد الإرهاب لا يمكن إنجازه فقط بمعركة السلاح ومواجهات الجنود البواسل مع تلك العناصر الإرهابية الإجرامية؛ وإنما يقتضي اصطفافاً وطنياً شاملاً خلف ومع القيادة السياسية والجيش والأمن، وفي مقدّمة ذلك الاصطفاف ينبغي أن يقف العلماء ورجال الدين الأجلّاء سواء كانوا مرجعيات دينية وفقهية خالصة ومستقلة أم كانوا مرجعيات دينية سياسية مختلطة.
وفي هذا السياق يبدو مستغرباً حالة الصمت المطبق الذي التزمته مرجعيات دينية سياسية بارزة يُحتِّم الواجب الديني قبل الوطني أن تكون مع وطن الإيمان وشعب الحكمة في معركته العادلة مع قوى الشر والإرهاب، ومثل هذا الموقف المفترض هو أيضاً يصبُّ في خانة تبرئة ساحتها من اللوائح الأممية والأمريكية الخاصة بالمتهمين بدعم وتمويل الإرهاب.
ومثل هذا الطرح أتمنّى أن يتم فهمه في سياقه الصحيح؛ فهو ليس تحاملاً أو تجنّياً على شخوص أو شخص لذاته, وإنما من منطلق موضوعي ومن غيرة على دين أساء إليه هؤلاء الإرهابيون أكثر مما أساء إليه أعداؤه, ومن حماسةٍ على بلد يتعرّض لمؤامرات خارجية لم تدّخر جهداً منذ سنين طويلة في حشد وإرسال متطرّفين جاءوا أو جيء بهم من أصقاع الأرض وتجمّعوا أو أريد لهم أن يتجمّعوا في أرض اليمن تحت غطاء ما سُمّي بـ«قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» ولتنفيذ أجندة استخبارات دول لا نحتاج إلى تسميتها هنا كون الجميع يعرف أنها تريد كل الشر لليمن ولا تتمنّى أن تقوم لهذا البد قائمة.
alhayagim@gmail.com