نظراً للظروف الاقتصادية والأمنية التي تعيشها البلاد هذه الأيام، ودرءاً للتكهُّنات والشائعات التي تطلقها بعض القوى التي فقدت مصالحها بغرض إفساد العملية السياسية المستندة على مخرجات الحوار الوطني الذي أجمعت عليه كل مكوّنات المجتمع اليمني، وتعزيزاً لهيبة الدولة والدفع بقدراتها من أجل القضاء على كل الاختلالات الأمنية والإدارية والاقتصادية، ولكي تكون مسنودة شعبياً وشرعياً؛ يتطلّب من لجنة صياغة الدستور المشكّلة بقرار جمهوري أن تسرع الخطى في إنجاز صياغة مشروع الدستور؛ لأن كل الشعب اليمني ينظر إلى الدستور المقبل بأنه هو الفيصل بين ماضٍ أليم ومستقبل مشرق، وأنه سيكون منصفاً وعادلاً في بنوده ومواده؛ لأن المواد التي سيُصاغ منها هي من مخرجات الحوار الوطني والملبّية لكل متطلبات الشعب اليمني اقتصادياً وأمنياً وثقافياً.
وكلي أمل وثقة أن لجنة صياغة الدستور لن تخرج عن ما جاء به مؤتمر الحوار الوطني؛ إلا إذا كان هناك الأفضل منها؛ لأن اللجنة تضم الكفاءات القانونية والدستورية المشهود لها.
وعليها أن تعي جيداً أن الشعب معها، وهو يرقب ما ستأتي به باعتبار الدستور هو الذي سيعمل على تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا بين سلطات الدولة المختلفة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وعلى اللجنة أن تضع الضوابط القوية التي لا يمكن لأي شخص أن يقوم بالعبث بالمواد الدستورية وتسخيرها من أجل خدمة أهدافه ومصالحه كما كان في السنوات الماضية حين أفرغ الدستور من مضامينه الوطنية وأصبح يخدم السلطة والقائمين عليها؛ حتى إن الدستور السابق أصبح وثيقة لا معنى لها ولا تعني حياة الناس ومصالحهم.
وإذا كان الأمر يستدعي تغيير بعض مواد الدستور لأمور تتعلّق بأمن البلاد وسياستها الاقتصادية والاجتماعية؛ فلابد أن يأخذ ذلك إجماع أعضاء مجلس النواب أو استفتاءً شعبياً؛ نأمل أن يوثّق هذا في مواد الدستور القادم؛ وإلا فإن أية قوى نافذة سوف تعمل على تعطيل بعض مواد الدستور خصوصاً التي تتعارض مع مصالحها.
الدستور وثيقة يجب أن تُحترم، ولا يجب أن يعبث بموادها أحد مهما كانت سلطته عدا الشعب أو ممثليه في البرلمان إذا ارتأوا أن مصلحة البلاد والشعب تستدعي تغييراً أو إضافة إلى الوثيقة.
من هنا نأمل من رئيس وأعضاء اللجنة المكلّفة بصياغة مواد الدستور أن يسرعوا في إنجاز هذه المهمّة الوطنية؛ لأن كل شيء أمامها واضح، ومخرجات الحوار لا لبس فيها، ولابد أن تكون هذه المخرجات هي الأساس والمرجعية في صياغة الدستور.
وعلى هذا الأساس فإن المهمّة أصبحت سهلة حتى يتسنّى للشعب الاستفتاء حول مواده والتي هي من صنعه، وليس هناك أي خلاف طالما والمرجعية لمواد الدستور هي الشعب الذي صاغ مخرجات الحوار الوطني.. ومتى ما أسرعنا في استكمال صياغة الدستور وإقراره من قبل الشعب؛ نكون قد جنّبنا بلادنا الكثير من المشكلات الأمنية والاقتصادية ....إلخ.