الكثيرون من جهابذة الاقتصاد وساسته سبق لهم أن حذروا ولا يزالون إلى اليوم من تفاقم الوضع الاقتصادي اليمني وتداعياته على الحاضر والمستقبل، ومن أخطر تلك التداعيات ما تعانيه بلادنا من تدن للموارد وحالات التذمر لارتفاع الأسعار واستمرار أخذها مداً تصاعدياً بات ينذر بكارثة تهدد معيشة الناس.
اقتصادنا يعاني من آثار موجعة ومقلقة للناس جميعاً سواء أكانوا في السلطة أو في المعارضة أو بينهما.. ولعل من أسباب هذه المعاناة الرئيسية إلى جانب عدم الاستقرار السياسي المخطط الإجرامي الذي يستهدف ومنذ اللحظات الأولى للأزمة التي عانت منها البلاد ومعها العباد إبان ما يطلق عليه عكسياً بثورة الشتاء العربي بدءاً باستهداف الأمن والاستقرار والسكينة العامة مروراً بضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط.. وتوقف الكثير من المعنيين عن تسديد التزاماتهم تجاه ضمان استمرار خدمات الكهرباء والمياه وغيره.. واستيطان قضية التهرب الضريبي والتهريب الجمركي الذي حال وانسياب الموارد لخزينة الدولة.. وإلى جانب ذلك تمادي الفاسدين واستشراء الفساد الذي قاد إلى فقدان مبدأ الثواب والعقاب والمساءلة القانونية إلى عزوف السواد الأعظم من الموظفين والمعنيين بأداء واجباتهم والوفاء بمسئولياتهم بأمانة وهذه القضايا كلها كونت لوبي الاضرار باقتصاد اليمن.
الاقتصاد في خطر هذا التوصيف بات محظ إجماع المعنيين بالشأن الاقتصادي وقد دفع بقيادتنا السياسية إلى اتخاذ جملة من الإجراءات في إطار حزمة من الإصلاحات الاقتصادية ثم التوجيه بتنفيذها وقد مثل انتهاج الحكومة لسياسة تقشفية وإجراء بعض الإصلاحات في مسار لجم آفة الفساد المالي والإداري أبرزها.. إلا أن كل ذلك لم يكن بالوصفة العلاجية الشافية لمرض اقتصادنا المتهالك.
لذا فقد استدعت مجريات الأحداث التي تعيشها البلاد إلى تبنى القيادة السياسية لإجراء عاجل وسريع أعلن عنه الأخ عبدربه منصور هادي في اللقاء الوطني.. ووفقاً لمبادرة الإجماع الوطني الذي شملته المبادرة الوطنية المقدمة من مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية وعلى رأس تلك الحلول تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.
إذ لا يختلف أثنان على أن تكون الحكومة القادمة.. حكومة كفاءات سيما في الجانب الاقتصادي، ومعيار الكفاءات والخبرات في إطارها باتت وأضحت ضرورة لما لهذا المعيار من أهمية وأولوية على صعيد اعتماد المعالجات والحلول العاجلة لمشاكلنا الاقتصادية.. ناهيك عن تكون كوادرها أو أعضائها ممن يتسمون بالنزاهة وبالشفافية في التعاطي مع احتياجات الحاضر والمستقبل.
المطلوب من الأحزاب التي سيكون لها حضور في الحكومة الجديدة أن تتجرد من مصالحها الضيقة وأن تغلب ما يستدعيه المرحلة الحالية من قدرات وكفاءات لإدارة وقيادة مسار العمل الحكومي.. يجب الابتعاد عن المحاصصة من أجل اليمن ويجب التجرد من الولاءات الحزبية بحيث يكون الوطن هو حزب الجميع والخروج به من واقع أزماته الطاحنة صارت أمانة ومسئولية كل حزب.. وأعتقد هنا جازماً أن كل الأحزاب لديها من الكوادر والكفاءات ما يؤهلها لتلبية تكوين الحكومة الجديدة.
المطلوب أن تطل علينا الحكومة الجديدة بكادر ينال رضى الشعب اليمني الذي عانى من التداعيات السلبية لمخرجات أعضاء في العديد من الحكومات منذ قيام الثورة وحتى اليوم، وفي هذا السياق فإننا نأمل أن نوفق في هذا التوجه لتبدأ مرحلة انقاذ اليمن مما آلت إليه أوضاعها.. ونبحر جميعاً ومعاً نحو شاطئ الأمان بسلام.. فهل ستكون الحكومة الجديدة بهذا المستوى والحد المطلوب، إذ نحن بحاجة إلى حكومة اقتصادية أولاً وأخيراً.